الاثنين، 30 يوليو 2012

سهيلة بنت ملحان الصحابية التي كان صداقها الإسلام


هي أم سُليم بنت مَلْحان بنت خالد، أم أنس بن مالك، وهي مجاهدة جليلة، ذات عقل ورأي، أسلمت مع السابقين إلى الإسلام، وبايعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فغَضِب منها زوجها مالك بن النضر، أبو أنس بن مالك غضبًا شديدًا من إسلامها، وقال لها: أصبوتِ؟ قالت: ما صبوتُ، ولكن آمنتُ بهذا الرجل، ثم جعلت تلقِّن أنسًا، وتشير إليه بقولها: "قل لا إله إلا الله، قل: أشهد أن محمدًا رسول الله"؛ فكان مالك يقول لها: لا تفسدي عليَّ ابني، فتقول له: لا أُفسِده، ثم خرج مالك يريد الشام، فلقيه عدو فقتَله، فلما بلغها قتْلَه، قالت: لا أَفطِم أنسًا، حتى يَدَع الثَّدْي، فخطبها أبو طلحة، وهو مشرك، فأبت، وقالت له: يا أبا طلحة، ألست تعلم أن إلهك الذي تعبده هو حجر لا يضرك ولا ينفعك، أو خشبة تأتي بها إلى النجار، فينجرها لك، هل يضرك هل ينفعك؟ أفلا تستحيي من عبادتك هذه؟ فإن أسلمتَ، فإني لا أريد منك صداقًا غير إسلامك، فوقع الإسلام في قلب أبي طلحة، ونطق بالشهادتين، فتزوَّجته، وكان الصداق بينهما الإسلام، وروت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربعة عشر حديثًا، وشَهِدت غزوة أحد، وسقت فيها العطشى، وداوت الجرحى، ثم شهدت غزوة حُنَين، وأبلت فيها بلاءً حسنًا؛ فحزَمت خنجرًا على وسطها وهى حامل يومئذٍ بعبدالله بن أبي طلحة, فقال أبو طلحة: يا رسول الله، هذه أم سُليم، معها خنجر، فقالت أم سليم: يا رسول الله، أتخذ ذلك الخنجر إن دنا منى أحد من المشركين، بَقَرت بطنه, وأقتل هؤلاء الذين يفرون عنك، فقال لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - : ((يا أم سُليم، إن الله قد كفى وأحسَن)).

وهي التي أخذت بيدي ولدها أنس بن مالك، فأتت به رسول الله - صلى الله على وسلم - فقالت: يا رسول الله، هذا ابني وهو غلام وهو خادم لك, قال أنس: فخدمته تسع سنين، فما قال لي لشيء قط صنعتُه أسأتَ، أو بئس ما صنعتَ.

ولما تزوَّجت بأبي طلحة رُزِقت منه غلامًا يسمى "عميرًا"، ومرض الغلام مرضًا شديدًا، وقبل أن يخرج أبوه سعيًا وراء لقمة العيش، قبَّل ابنه وخرج، ولكن الموت رفرف على الغلام وأبوه غائب، فقامت الصحابية الجليلة وغسَّلت ابنها، وكفَّنته، وصلت عليه أربع تكبيرات، وحفرت له قبره ودفَنته، ولما عاد زوجها ليلاً، قامت فهيَّأت له نفسها، وأعدَّت له طعامه، فأكل ثم سألها: كيف عمير؟ قالت له: يا أبا طلحة، إن عميرًا بات الليلة لا يشتكي تعبًا، نام نومًا هادئًا, ونام معها زوجها في تلك الليلة، وقبَّل أن يتوجه لصلاة الفجر مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لها: أين عمير؟ فإني أريد أن أقبِّله قبل أن أذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا أبا طلحة، إني حزينة، قال: ولِم؟ قالت له: لقد أخذت من الجيران شيئًا طلبوه مني، فقال لها: أتحزنين إذا أخذوا وديعتهم؟ فقالت له: أتحزن يا أبا طلحة إذا أخذ الله منا وديعته؟ وعند ذلك لم يَسَع أبا طلحة إلا أن قال : إنا لله وإنا إليه راجعون، وذهب إلى المسجد، وصلى مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وشكا له زوجتَه، فدعا له، وقال: ((بارك الله لكما فى ليلتكما))، فرزقهما الله عشرة من الذكور كلهم حفظوا القرآن.
ولو كان النساء كمثل هذي ** لفٌضلت النساء علي الرجال
فما التأنيث لاسْمِ الشمس عيبٌ  ** http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gifولا التذكيرُ فخرٌ للهلال 
وكتبه :-
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين
عضو رابطة علماء أهل السنة


لقى ربه مبتسما


هو الصحابي الجليل عمرو بن الجموح بن زيد بن حرام بن كعب بن غُنم بن سلمة الأنصاري السلمي.

هو واحد من زعماء المدينة في الجاهلية والإسلام، وسيد من أشراف بني سلمة، وكان مصاهرًا لعبدالله بن عمرو بن حرام؛ فقد كان زوجًا لأخته: "هند بنت عمرو".

وعلى عادة الجاهلين كان الزعماءُ والأشراف يتخذون لأنفسهم صنمًا خاصًّا يعبدونه غير تلك الأصنام التي نُصبت في محافل العامة ويقصِدونها كل حين، وعمرو قد اتخذ لنفسه صنمًا كعادتهم وسماه: "منافًا".

وقد شاء الحق - سبحانه - أن يُسلمَ "معاذ بن عمرو" قبل والده: "عمرو بن الجموح"؛ لذا اتفق الشاب مع صديقه "معاذ بن جبل" أن يجعلا هذا الصنم عبرةً، فتقوم الحجة على عبَّاده بأنه لا يصلح للعبادة، فهو لا يَملك لنفسه نفعًا، فضلاً عن أن يدفع الضرَّ عن عُبَّاده، أو أن يجلبَ لهم نفعًا!

ويتوجَّه الشابان في ظلام الليل إلى الصنم "مناف"، فيحملانه؛ لإلقائه في حفرة يَطرح الناس فيها فضلاتِهم.

فإذا لم يجد عمرو الصنم بحث عنه حتى يجده في هذه الحفرة، فيغضب قائلاً: "ويلكم! من عدا على آلهتكم هذه الليلة؟"، ثم يزيل هذه النجاسات عنهن ويُطيِّبه ويضعه في مكانه.

ويكرِّر الشابان فَعْلتهما بالصنم كل ليلة، حتى سئِم عمرو، وجاء بسيف ووضعه على عنق الصنم "مناف"، وخاطبه قائلاً: "إن كان فيك خيرٌ، فدافِع عن نفسك"، فلما أصبح، لم يجده مكانه، بل وجده في نفس الحفرة مقترنًا بكلب ميتٍ بحبل وثيق، وقد ثارت ثائرتُه حينما رأى هذا التحدي السائرَ بين جند الرحمن وجند الشيطان!

وهنا اقترب منه بعضُ الشرفاء الذين شُرِحت قلوبهم للإسلام، ووازَنوا له بين الإله الحق الذي بيده مقاليد السموات والارض، وبين آلهة لا تسمعُ ولا تبصر، ولا تغني عن نفسها شيئًا، ولا عن عبَّادِها شيئًا، ولا تدفع عنهم ضرًّا!

وقد أراد الله - تعالى - بعمرو خيرًا؛ إذ إنه أقبل بسمعِه وعقله وقلبه إلى ما يذكره المؤمنون من أدلة تبيِّن أنَّ المعبود بحقٍّ هو الإلهُ الواحد، وأن الأصنام لا تستحق هذا التعظيمَ، ولا تلك العبادة، وعندها طهُر ظاهره وباطنه، وشهِد أن لا إله الا الله، وشهِد أن محمدًا رسولُ الله.

أسلم عمرو، وأسلمت معه جوارحُه لله رب العالمين، وإذا كان عمرو معروفًا بالجُود والسخاء، إلا أن إسلامه زاده جودًا وسخاءً.

سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - جماعة من قبيلة عمرو بن الجموح، فقال: ((من سيِّدكم يا بني سلمة؟))، فقالوا: الجدُّ بن قيس على بخلٍ فيه، فقال - عليه السلام -: ((وأي داءٍ أدوى من البخل؟))، بل سيدكم: الجعد الأبيض: عمرو بن الجموح))، فشهادةُ النبي - صلوات الله عليه وسلامه - له: تكريمٌ ما بعده تكريم، وفي هذا المعنى مدحه شاعرُ الأنصار قائلاً:
فسُوِّد عمرو بن الجموح لجُودِه  ** وحُقَّ لعمرو بالنَّدى أن يُسوَّد

إذا جاءه السؤَّال أذهب ماله وقال: خذوه، إنه عائد غدًا.

وكما كان عمرو - رضي الله عنه - عَلمًا بارزًا في مجال الجود، أراد أن يكون عَلمًا كذلك في مجال الجهاد!

وقد رغب أبناؤه الأربعةُ أن يقنعوه بأنه من المعذورين؛ لعَرجه الشديد، فلما وجدوه مُصرًّا على الخروج، عرَضوا على الرسول رغبتَهم، فأمره بالمكث في المدينة.

وإذا كان الصحابة كلُّهم فقهاءَ يعرفون الأعذار الشرعية التي تحُول بين أصحابها وبين الإسهام في الجهاد بالنَّفس، إلا إنهم يتطلَّعون إلى الشهادة، ويطلبونها من مظانها؛ لذا نرى عَمرًا بعد أن ردَّه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن غزوة بدر، إلا أنه يأتي يوم أحد ملحًّا على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - علَّه يأذن له قائلاً: "يا رسول الله، إن بني يريدون أن يحبسوني عن الخروج معك إلى الجهاد، ووالله إني لأرجو أن أطأَ بعرَجتي هذه في الجنةِ".

ولما وجد الرسول - عليه أفضل الصلاة والسلام - رغبته في الخروج للجهاد شديدة، أذِن له فيه، فحمل السلاحَ، وخرج فرِحًا مسرورًا، ودعا ربه بصدق وضراعة قائلاً: "اللهم ارزقني الشهادة، ولا تردَّني إلى أهلي".

وقد استجاب المولى - عز وجل - دعوتَه؛ إذ إنه بعد أن طهَّر الأرض من كثيرٍ من المشركين، إذا بسيف من سيوف المشركين يُسكت الجسد الطاهرَ، ويقال له ولرفاقه: ﴿ يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي ﴾ [الفجر: 27 - 30].

وقد كرَّمه المصطفى - عليه السلام - بعد استشهاده فقال: ((انظروا فاجعلوا عبدالله بن عمرو بن حرام، وعمرو بن الجموح في قبر واحدٍ؛ فإنهما كانا في الدنيا متحابَّين متصافِيَين))، وبعد موقعة أحد أصاب قبورَهم سيلٌ جارف، فأراد المسلمون أن ينقُلوا رفاتهم، وكان جابر بن عبدالله بن حرام من جملة الحاضرين، لنقْلِ رفات والده عبدالله وزوجِ عمَّته: عمرو بن الجموح، فوجدوا شهداءَ أُحدٍ: "ليِّنةً أجسادُهم، تتثنَّى أطرافُهم"، ونظر جابر إلى والده وزوجِ عمَّته، فوجدهما كأنهما نائمان، ولا تُفارق الابتسامةُ شفاههما؛ اغتباطًا بلقاء الله.
وكتبه راجي عفو مولاه :-
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين
عضو رابطة علماء أهل السنة والجماعة

الخميس، 26 يوليو 2012

لله دَرُّك يا شافعي....!!!




الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
قال الشافعي - رحمه الله - في((الرسالة)) (19) :-
((والناس في العلم طبقات موقعهم من العلم بقدر درجاتهم في العلم به فحق على طلبة العلم بلوغ غاية جهدهم في الاستكثار من علمه والصبر على كل عارض دون طلبه وإخلاص النية لله في استدراك علمه نصا واستنباطا والرغبة إلى الله في العون عليه فإنه لا يدرك خير إلا بعونه فإن من أدرك علم أحكام الله في كتابه نصًا واستدلالاً ووفقه الله للقول والعمل بما علمنه فاز بالفضيلة في دينه ودنياه وانتفت عنه الريب ونورت في قلبه الحكمة واستوجب في الدين موضع الإمامة فنسأل الله المبتدئ لنا بنعمه قبل استحقاقها المديمها علينا مع تقصيرنا في الإتيان  إلى ما أوجب به من شكره بها الجاعلنا** في خير امة أخرجت للنا س أن يرزقنا فهما في كتابه ثم سنة نبيه وقولاً وعملاً يؤدي به عنا حقه ويوجب لنا نافلة مزيده)).

** وقوله : " الجاعلنا " هي من باب إضافة المعرفة إلى المعرف باللام و هي جائزة عند بعضهم ، و منهم الشافعي فهو حجة في اللغة إمام في العربية ..وأذكر منهم الفرَّاء (ت : 207) والله أعلم.
وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه ومن والآه.

وكتبه :
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين

الأربعاء، 25 يوليو 2012

الوساوس في الصلاة



الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ.
أمَّا بعدُ:
فإن التفات القلب في الصلاة بالوساوس لم يَسْلم منه أحد، وما أَصعبَ معالجتَها! وأقلَّ السالم منها! وهو اختلاسٌ يَختلسه الشيطان من صلاة العبد، وقد أرشدَنا النبِيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - للدواء الناجع، في أحاديث نبوية، منها:


أولاً: ما رواه مسلمٌ أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، إنَّ الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي، وقراءتي يلبسها عليَّ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ذاك شيطان يقال له: خَنْزَبٌ، فإذا أحسستَهُ، فَتَعَوَّذْ بالله منه، واتْفُلْ على يسارك ثلاثًا))، قال: ففعلتُ ذلكَ؛ فَأَذْهَبَهُ الله عني.

فَجاهِدْ نفسك في صرف تلك الوساوس بِحَزم، كلما أحسستَها، مع العمل بهذا الحديث: من التعوُّذ من الشيطان، والتَّفل عن يسارك، وقطع الاستِرسال مع الخطَرات، واستعِن بالله - تعالى - ولا تعجِز.

وفي "الصحيحين" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يأتي الشيطانُ أحدَكُم فيقول: مَن خلَقَ كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: مَن خلق ربَّكَ؟ فإذَا بَلغَه، فَلْيَستعِذْ بالله، ولْيَنْتهِ))؛ أي: كُفَّ عن الاسترسال، والجأ إلى الله في دفعه، واجتهد في ذلك، واشتغل بغيرها.

وفيهما عنه أيضًا قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إذا نُودِيَ بالصلاة، أدبر الشيطان وله ضُرَاطٌ؛ حتى لا يسمع الأذان، فإذا قُضِيَ الأذانُ أقبل، فإذا ثُوِّبَ بها أدبر، فإذا قُضِيَ التثويب أقبل، حتى يخطر بين المرء ونفسه، يقول: اذكر كذا وكذا؛ ما لم يكن يذكر، حتى يظلَّ الرجُلُ إن يَدْرِ كم صلى، فإذا لم يَدْرِ أَحَدُكُمْ كَمْ صَلَّى - ثلاثًا أو أربعًا - فَلْيَسْجُدْ سجدتين وهو جالسٌ)).

ثانيًا: الالتجاء إلى الله - تعالى - والتضرُّع إليه: أن يصرف عنك وساوس الشيطان، والاستعانة به، مع تدبُّر ما يُقرأ من قرآن، وتعقُّل معنَى ما تقول من أذكار.

ثالثًا: استشعار أنَّك واقفٌ بين يدي الله - تعالى - وأن الله - تعالى - مُطَّلِع على سِرِّك وعَلَنِك.

رابعًا: عدم الاسترسال مع الخطَرات، والاجتهاد في دفع ما يشغل قلبك من تفكُّرك فيما لا يعنيك، وقطع العلائق التي تجذب قلبَك عن الخشوع.

خامسًا: تنبَّه أن الصلاة بدون خشوع لا يحصل فاعِلُها على ثمرة الصلاة، التي تتمثَّل في كفِّه عن الفحشاء والمنكر، فمن لم يخشع في صلاته، فوَّت على نفسه لذَّة المناجاة لله - تعالى - التي هي ألذُّ ما يتلذَّذ به المؤمن، وقد امتدح الله - تعالى - الخاشعين في صلاتِهم، فقال: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1 - 2].

سادسًا: أكثِرْ من تلاوة القرآن، وخاصَّة المعوذتين، وآية الكرسيِّ، والفاتحة، وتلاوة سورة البقرة في البيت؛ فإنَّ قراءتها تطرد الشيطان من البيت؛ كما صحَّ عن الصادق المصدوق، وكذلك عليك بالمحافظة على أذكار الصَّباح والمساء، وأذكار النوم، وغيرها، مع الإكثار من التضرُّع، والالتجاء لله - تعالى - أن يصرف عنك الشيطان، وأن يُتِمَّ عليك صلاتك وإيمانك، فلن يُخَيِّبَ رجاءَك، واحذر من اليأس من رحمة الله ولطفِه بك؛ فإنَّه أرحم الراحمين: ﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [يوسف: 100].

سابعًا: التوبة النصوح، وكثرة الاستغفار؛ فرُبَّما تكون تلك الوساوس بسبب بعض الذُّنوب.

ثامنًا: احرص على إفراغ قلبك قبل الإحرام بالصَّلاة من الشواغل الدُّنيوية، والحاجات البدَنيَّة، وكل ما يَهُمُّك، مع المُجاهدة لكلِّ ما يرِدُ على قلبك، وقطع الطريق على الأسباب الشاغلة التي هي أصل الدواء، فلا تترك لنفسك شُغْلاً يلتفت إليه خاطرُك؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى": "وأمَّا زوال العارض فهو الاجتهاد في دفع ما يُشغِل القلب من تفكُّر الإنسان فيما لا يُعِينُه، وَتَدَبُّر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصَّلاة، وهذا كل عبد بِحَسبه؛ فإنَّ كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات، وتعليق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها، والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها".

تاسعًا: حضور الذِّهن والفكر أثناء الصلاة، وننصحك بمراجعة كتابَيْ: "تعظيم قَدْر الصلاة" لمحمد بن نصر المروزي، و"الصَّلاة" لابن القيِّم.

عاشرًا: تدبُّر ماتقرؤه حالَ الصلاة من القرآن وما تسمعه؛ قال تعالى: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29]، وقال: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24].

واستحضار أنك تخاطب ربَّك - سبحانه - وتأمَّلْ ما رواهمسلمٌعن أبي هريرة أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((قال الله - تبارك وتعالى -: قَسَمْتُ الصَّلاة بينيوبين عبدي نِصفين، ولعبدي ما سأل؛ فإذا قال العبد: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾، قال اللهتعالى: حَمِدني عبدي، وإذا قال: ﴿ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴾ قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي، وإذاقال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: مَجَّدني عبدي، فإذا قال: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ﴾ قال: هذا لعبدي، ولِعَبدي ما سأل)).

واللهَ أسأل أن يصرف عنك وساوس الشيطان، وأن يرزقنا وإيَّاك الخشوعَ في الصلاة، آمين.


كتبه راجي عفو مولاه :-
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن

الجمعة، 13 يوليو 2012

هل السيئات يذهبن الحسنات؟

السؤال
من المعلوم نصًّا في القُرآن الكريم: أنَّ الحسنات يُذهبن السيئات، ولكِنْ ماذا عن السيِّئات؟ هل يذهبن الحسنات؟
الجواب :-
الحمد لله، والصلاة والسَّلام على رسول الله، وبعد:
فالكفْر والشِّرك والردَّة تُذْهِب جميع الحسنات؛ قال الله تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88]، وقال الله – سبحانه -: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر: 65].

أمَّا الكبائر - غير الشرك والكفْر والردَّة - فإنَّها لا تُحْبِط جميع الحسنات، ولا تمنع قبولَها، ولكن قد تُحبط بعض الحسنات بقدْرها عند وزن الأعمال، فإن رجحت حسناتُه على سيِّئاته، كان من أهْل الثواب، وإنْ رجحت سيِّئاته على حسناتِه، كان من أهل العقاب؛ كما في الحديث الذي رواه البخاريُّ في "الأدب المفرد" عن عبدالله بن عمرو، عن النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((خلَّتان لا يُحصيهِما رجل مسلم إلا دخل الجنَّة، وهما يسير، ومَن يعمل بهما قليل)) قيل: وما هما يا رسول الله؟ قال: ((يُكبِّر أحدُكم في دُبُر كلِّ صلاةٍ عشْرًا، ويحمَد عشْرًا، ويسبِّح عشْرًا، فذلك خمسون ومائة على اللِّسان، وألفٌ وخمسمائة في الميزان))، فرأيت النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يعدُّهنَّ بيده، ((وإذا أوى إلى فراشِه، سبَّحه وحمده وكبَّره، فتلك مائة على اللسان وألفٌ في الميزان، فأيُّكم يعمل في اليوم والليلة ألفَيْن وخمسمائة سيِّئة؟))، قيل: يا رسول الله، كيف لا يحصيهما، قال: ((يأتي أحدَكُم الشَّيطانُ في صلاته، فيذكِّره حاجة كذا وكذا، فلا يذكره))؛ قال الألباني: صحيح.

فدلَّ هذا الحديث على أنَّ الحسنات والسيِّئات تُوزن وتَجري المقاصَّة بينهما.

وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - عن رجل مسلم يعمل عملاً يستوجِب أن يُبْنَى له قصر في الجنَّة، ويُغرس له غِراس باسمه، ثم يعمل ذنوبًا يستوجب بها النَّار، فإذا دخل النَّار، فكيف يكون اسمه أنَّه في الجنَّة وهو في النَّار؟

فأجاب: "وإن تاب عن ذنوبه توبة نصوحًا، فإنَّ الله يغفر له ولا يَحرمه ما كان وعَده؛ بل يعطيه ذلك، وإن لم يتُب، وُزِنَتْ حسناتُه وسيئاته، فإن رجحتْ حسناته على سيِّئاته، كان من أهل الثَّواب، وإن رجحت سيِّئاته على حسناته، كان من أهل العذاب، وما أعدَّ له من الثواب، يُحْبَط حينئذ بالسيئات التي زادت على حسناتِه، كما أنَّه إذا عمل سيئات استحقَّ بها النار، ثم عمل بعدها حسنات تذهب السيئات، والله أعلم".

ويجب أن يُعلم: أنَّ الإصرار على المعاصي - ولاسيَّما الكبائر - سببٌ لسوء الخاتمة.

روى أحمد في مسنده عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ المؤمن إذا أذنبَ، كانت نكتةٌ سوداء في قلبِه، فإن تاب ونزَع واستغفر، صُقِل قلبه، وإن زاد زادت حتَّى يعلو قلبَه ذاك الرَّين، الذي ذكر الله - عزَّ وجلَّ - في القرآن؛ {كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]؛ قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي.

وقال بعض السلف: المعاصي بريد الكفْر، كما أنَّ الحمَّى بريد الموت.

وفي مسند أحْمد أيضًا عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنْهما - عن النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّه قال وهو على المنبر: ((ارْحموا تُرْحموا، واغفروا يَغْفِر الله لكم، ويْل لأقماع القول، ويْل للمصرِّين الذين يصرُّون على ما فعلوا وهم يعلمون))؛ قال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده حسن.

قال المناوي في فيض القدير: "أي شدَّة هلكة لِمن لا يعي أوامر الشَّرع ولم يتأدَّب بآدابه، والأقْماع - بفتح الهمزة -: جمع قِمع - بكسر القاف، وفتح الميم وتسكَّن -: الإناء الذي يُجعل في رأس الظرف ليملأ بالمائع، شبَّه استماع الذين يستمعون القول ولا يعُونه ولا يعملون به بالأقماع التي لا تعي شيئا ممَّا يفرغ فيها، فكأنَّه يمرُّ عليْها مُجتازًا كما يمرُّ الشَّراب في القِمع، كذلك قال الزمخشري: من المجاز ويل لأقْماع القول، وهم الذين يستمعون ولا يعون". اهـ.


كتبه راجي عفو مولاه :-
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

ما صحة حديث : "اعْتِكَافُ عَشْرٍ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّتَيْنِ وَعُمْرَتَيْنِ"


حديث : "اعْتِكَافُ عَشْرٍ فِي رَمَضَانَ كَحَجَّتَيْنِ وَعُمْرَتَيْنِ" ،  وفي رواية : " من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين وعمرتين" .

[ فهذا حديث موضوع ] أخرجه أبو بشر الدولابي في "الذرية الطاهرة" (157) –  ومن طريقه أبي طاهر بن أبي الصقر في "مشيخته" (90) – ،  الطبراني في "المعجم الكبير" (2888) ، وأبو الفتح الأزدي في "أحاديث منتقاة في غرائب الألفاظ" (رقم 7– مخطوط) ،  والبيهقي في "شعب الايمان" (3966) و(3967) ، والخطيب في "تلخيص المتشابه" (1/117)،  وعزاه العراقي في "طرح التثريب" (4/167) لأبو الشيخ ، وعزاه السيوطي في جمع الجوامع للديلمي .
كلهم من طريق عنبسة بن عبد الرحمن القرشي ، عن محمد بن زذان المدني ،  عن علي بن الحسين ، عن أبيه مرفوعا .
قال البيهقي : "إسناده ضعيف"
قلت : و هذا اسناد ساقط فيه :
1-               عنبسة بن عبد الرحمن القرشي و هو كذاب يضع الحديث .
2-                محمد بن زذان المدني : و هو متروك الحديث.
قلت : اختلف في شيخ عنبسة فتارة يكون "محمد بن زذان" ، و تارة يكون "محمد بن سليم" ، و تارة يكون "محمد بن سليمان" ، و قد صوب البيهقي أنه "محمد بن زذان" .

خرَّجَ الحديثَ : 
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن

تساؤل حول حديث : اشتقت لأحبابي .. وألفاظه المتعددة

الفضلاء الكرام : السلام عليكم ، أود تخريج هذا الحديث بارك الله فيكم - 
قال الرسول صلى اللله عليه وسلم : ( اشتقت لأحبابي، قالوا: أو لسنا أحبابك؟ قال: لا أنتم أصحابي أحبابي أناس يأتون في آخر الزمان الصَّابِرُ فِيهِمْ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ، أجره كأجر سبعين، قالوا : منا أم منهم؟ قال : بل منكم، قالوا: و لمَ؟ قال : لأنكم تجدون على الخير معواناً و لا يجدون ). 
وإن كان لفظه مكذوب هل ورد في السنة لفظ العامل في زمن الفتن كأجر سبعين صحابي ؟!!

يجبيبُ علي هذا السؤال :
"عمر بن محمد عمر عبد الرحمن"
شيخ الحديث بمعهد الدعوة الإسلامية ، ومعهد إعداد الدعاة - مصر - 


الحمد لله ، وصلي الله علي نبيه ومصطفاه ... وبعد :-
فقد صحّ معنى هذا الحديث، كما في "صحيح مسلم"  ( كتاب الطهارة ، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل ) ج 1 ص 228 – 229 رقم 249 :  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَتَى الْمَقْبُرَةَ فَقَالَ: (( السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاَحِقُونَ وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا )).
قَالُوا أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: (( أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ )).

فقالوا " كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله ؟ 
فقال : " أرأيت لو أن رجلاً له خيل غُرٌ محجلة بين ظَهرَي خيل دُهم بُهم ، ألا يعرف خيله ؟ " .
قالوا : بلى يا رسولا الله .
قال : " فإنهم يأتون غراً مجلين من الوضوء، وأنا فرطكم على الخوض ، ألا ليُذادن رجال عن حوضي كما يُذاد البعير الضال ، أناديهم : ألا هُلُمَّ ! " .
فيقال : إنهم قد بدلوا بعدك ، فأقول : سحقاً سحقاً " .

وكذا .. أخرجه مالك 58 ، والنسائي ج 1 ص 93 – 94 ، وابن ماجه رقم 4306 ، وغيرهم : عن العلاء بن عبدالرحمن.
وقال الإمام أحمد في " مسنده " ( ج 10 ص 502 رقم 12517 ط دار الحديث ) : ثنا هاشم بن القاسم ، ثنا حسن ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – :
" وددت أني لقيت إخواني " .
قال : فقال أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – : أوليس نحن إخوانك ؟
قال : " أنتم أصحابي ، ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني " . ( إسناده صحيح ).

أما اللفظ المذكور، فقد ورد بإسناد موضوع مكذوب.

أخرجه القشيري في "الرسالة" (2/457-ط.دار المعارف) من طرق عثمان بن عبد الله القرشي، عن يغنم بن سالم، عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( متى ألقى أحبابي ؟ )) .
فقال أصحابه: بأبينا أنت وأمنا. أو لسنا أحبابك؟
فقال: (( أنتم أصحابي، أحبابي: قوم لم يروني، وآمنوا بي، وأنا إليهم بالأشواق أكثر )) .

قلتُ : هذا إسنادٌ موضوع؛ فيه علتان:
الأولى: يغنم بن سالم؛ قال ابن حبان: [شيخ يضع الحديث على أنس بن مالك، روى عنه بنسخة موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ولا الرواية عنه إلا على سبيل الاعتبار]، وقال ابن يونس: [حدَّث عن أنس فكذب]، وقال أبو حاتم: [مجهول، ضعيف الحديث]، وقال العقيلي: [منكر الحديث].
مصادر ترجمته: "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (9/314/136)، و"الضعفاء" للعقيلي (4/1566/2105-ط.السلفي)، و"المجروحين" لابن حبان (2/498/1250-ط.السلفي)، و"لسان الميزان" (7/383/9479-ط.الفاروق).
وقال الحافظ: [وقد صحَّفَهُ بعضُ الرواةِ، فقال: نُعيم، بالنون والمهملة مصغراً].
الثانية: عثمان بن عبد الله القرشي، هو الأموي الشامي، قال ابن عدي: [يروي الموضوعات عن الثقات]، وقال الدارقطني: [متروك الحديث]، وقال أيضاً: [يضع الأباطيل على الشيوخ الثقات]، وقال ابن حبان: [شيخ قدم خراسان فحدثهم بها، يروي عن الليث بن سعد ومالك وابن لهيعة، ويضع عليهم الحديث، كتب عنه أصحاب الرأى، لا يحل كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار].
مصادر ترجمته: "لسان الميزان" (5/145/5608-ط.الفاروق)، و"المجروحين" لابن حبان (2/76-77/668-ط.السلفي).
والله أعلم ، وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد.

صحة أثر : رأيتُ رؤيا أفظعتني!


الإخوة الكرام: 
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،،
أقومُ بعمل بحثٍ علميٍّ مهمٍّ، وأريدُ معرفةَ صحَّةِ أَثَرٍ من الآثار، وجوازِ الاستدلال به، والأثرُ في (كتاب الإيمان والرُّؤيا) من "مصنَّف ابنِ أبي شَيْبَة"، فيما عبَّرهُ عمرُ - رضي الله تعالى عنه: حدَّثنا ابن فُضَيْل، عن عطاء بن السَّائب قال: حدَّثني غيرُ واحدٍ: "أنَّ قاضياً من قضاة أهل الشَّام أتى عمرَ بن الخطَّاب، فقال: يا أميرَ المؤمنين, رأيتُ رؤيا أفظعتني! قال: ما هي؟ قال: رأيتُ الشَّمسَ والقمرَ يقتتلان، والنجومَ معهما نصفين!! قال: فمع أيِّهما كنتَ؟ قال: مع القمر على الشَّمس. قال عمرُ: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً} [الإسراء:12]. قال: فانْطَلِقْ؛ فوالله لا تعْمَلُ لي عملاً أبداً". وجزاكمُ الله تعالى خيراً.

الجواب :-
يجيب علي هذا السؤال
"عمر بن محمد عمر عبد الرحمن"
شيخ الحديث بمعهد الدعوة الإسلامية ومعهد إعداد الدعاة - بمصر - 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
* فالحديثُ أخرجهُ ابنُ أبي شَيْبَة في "مصنَّفه": (31023، 31225،38860)، عن محمد بن فُضَيْل، عن عطاء بن السَّائب قال: حدَّثني غيرُ واحدٍ: "أنَّ قاضياً من قضاة أهل الشَّام أتى عمرَ بن الخطَّاب ..." فذكره. 


وهذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ فيه علَّتان: 
إحداهما: عطاءُ بن السَّائب اختلطَ بأَخَرَةٍ، وما روى عنه ابن فُضَيْل ففيه غلطٌ واضطرابٌ؛ رفعَ أشياءَ كان يرويها عن التَّابعين، فرفعها إلى الصحابة! انظر: (الجرح والتعديل: 6/333). 


والثانية: جهالةُ مَنْ حدَّث عطاءً بهذا. 
*وأخرجهُ ابنُ أبي الدُّنيا في (الإشراف، في منازل الأشراف: 255) عن بسَّام بن يزيد، وابن عساكر في (تاريخ دمشق: 68/103) من طريق غسَّان بن الرَّبيع؛ كلاهما عن حمَّاد بن سَلَمَة، عن عطاء بن السَّائب، عن مُحَارِب بن دِثَار، عن عمرَ، نحوه. 
وهذا مرسلٌ؛ مُحَارب بن دِثَار لم يدركْ عمرَ. 
قال ابن عساكر: "لا أعرفُ وجهَ هذا الحديث؛ فإن أوَّل قاضٍ قضى على دمشق أبو الدَّرْداء، ولم يزلْ عليها إلى خلافة عثمان، وهو غير خافٍ على عمرَ".

وعليه؛ فالأَثَرُ غيرُ ثابتٍ من جهة السَّند، ومُنْكَرٌ من جهة المَتْن،، والله أعلم.

صحة حديث عشرة تمنع عشرة



السؤال : ما صحة هذا الكلام - أفيدونا بارك الله فيكم -
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عشرة تمنع عشراً وهي: سورة الفاتحة تمنع غضب الرب ، وسورة يس تمنع عطش القيامة ، وسورة الدخان تمنع أهوال يوم القيامة ، وسورة الواقعة تمنع الفقر ، وسورة الملك تمنع عذاب القبر ، وسورة الكوثر تمنع خصومات الخصماء ، وسورة الكافرون تمنع الكفر عند الموت ، وسورة الإخلاص تمنع النفاق ، وسورة الفلق تمنع الحسد ، وسورة الناس تمنع الوسواس .



يجيب علي هذا السؤال : 


"عمر بن محمد عمر عبد الرحمن"
شيخ الحديث بمعهد الدعوة الإسلامية ومعهد إعداد الدعاة - مصر - وعضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين.


الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :
فالحديث الذي ذكره السائل في فضل عشر سورٍ من القرآن الكريم حديث موضوع مكذوب على النبي – صلى الله عليه وسلم – تحرم نسبته إليه – صلى الله عليه وسلم – لقوله - صلى الله عليه وسلم - :" من حدّث عني بحديث يُرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين " .
فقد ذكر ابن قيم الجوزية – رحمه الله – ما صح فيه فضل من سور القرآن ولم يذكر هذا الحديث الذي سأل عنه السائل ، ثم قال ابن القيم بعد ذلك : " ثم سائر الأحاديث بعدُ كقوله : من قرأ سورةَ كذا أُعطِيَ ثواب كذا فموضوعة على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( المنار المنيف : رقم 225 – 238) . وكذلك فعل عمر بن بدر الموصلي في كتابه ( المغني عن الحفظ والكتاب ) ، حيث قال : " فلم يصح في هذا الباب شيء غير قوله في .. " فذكر ما يصح ولم يذكر الحديث المسؤول عنه وتعقبه محققه، وهو الشيخ أبو إسحاق الحويني ، بزيادة أحاديث صححها ، فلم يذكـر أيضـاً هذا الحديث ( جُنّة المرتاب : 121-145) . وكذلك فعل السيوطي ( على توسُّعِه في التصحيح) فأورد ما ليس بموضوع في فضائل القرآن ، فلم يذكر هذا الحديث ، فيكون عنده موضوعاً ( الإتقان للسيوطي : 2/1113-11130).
وتابعهم ابن هِمّات في كتابه ( التنكيت والإفادة : 30-40)، وفضيلة الشيخ بكر أبو زيد في ( التحديث بما قيل لا يصح فيه حديث : 122- 123 رقم 191-193).
ومع ذلك : فقد صحت أحاديث أخرى في فضل السور الواردة في الحديث الذي سأل عنه سائل ، فقد صح في سورة الفاتحة ، وسورة الإخلاص ، والمعوذتين ، والكافرون ، والملك أحاديث في فضلها على وجه الخصوص أما سورة : يس ، والدخان ، والواقعة ، والكوثر ، فلم يصح في تخصيصها بالفضل حديث .
هذا مع ما ثبت في فضل قراءة جميع سور القرآن ، وما جاء في الحث على تلاوته وتدبره وتعلمه وتعليمه والعمل بما فيه كتاب الله – تعالى- وفي صحيح أحاديث رسول الله –صلى الله عليه وسلم – والله أعلم .
والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين وعلى آله وأصحابه والتابعين .
------------------------------

وكذا يجيب 


فضيلة الشيخ : عبد الرحمن السحيم 
الداعية بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة العربية السعودية.


بالنسبة لهذه العشر سردا لم أرها فيشيء من كتب السنة ، وثبتت معاني بعضها .
فثبت الحديث في فضل سورة الملكوأنها تمنع عذاب القبر
قال صلى الله عليه وسلم : سورة تبارك هي المانعة من عذابالقبر . رواه الحاكم وغيره ، وحسّنه الألباني .
وقال صلى الله عليه وسلم : إنسورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له ، وهي سورة تبارك الذي بيده الملك . رواه أهل السنن وقال الترمذي : هذا حديث حسن.
ولذا كان النبي صلى الله عليهوسلم لا ينام حتى يقرأ 
سورة تبارك وسورة السجدة ، كما في المسند والأدب المفردللبخاري وسُنن النسائي ، وهو حديث صحيح.
والأحاديث الواردة في فضل سورة ( يس ) لا يصح منها شيء .
والحديث الوارد في فضل 
سورة الواقعة وأنها تمنع الفقر فلا يصح .
وقد ورد بلفظ : "من قرأ 
سورة  الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا" رواه البيهقي في الشعب ، وضعفه الألباني في الضعيفة .
وأما المعوذات فقدورد في فضلها أحاديث صحيحة ، فمن ذلك
ما رواه أبو داود عن عقبة بن عامر قال : بينا أنا أسير مع رسول الله صلي الله عليه وسلم بين الجحفة والأبواء إذ غشيتنا ريحوظلمة شديدة فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ ب أعوذ برب الفلق و أعوذ بربالناس ، ويقول : يا عقبة تعوذ بهما فما تعوذ متعوذ بمثلهما . قال : وسمعته يؤمنابهما في الصلاة . وحسنه الألباني.

والأحاديث التي وضعها الوضـّـاعون فيفضائل السور كثيرة حتى وضع بعضهم لكل سورة حديث في فضلها ، والله أعلم.

أنت إلهي .. أنت ربي



لك الحمد يا رب عداد الخـــلائق * * * فأنت إلهي أنت ربي ورازقـي

أعوذ بك اللهم مــن كـــل فتنة * * * ومن كل مكروه ومن شر غاسق

وأدعوك يا ربي مساء وبـكــرة * * * لغفران ذنبي بل وفك المضـائق

أنا عبدك المسكين بالـذنـب موقر * * * ينوء به ظهري ويوجل خـافقي

أعاهد ربي ثــــم أصبح مذنباً * * * وأبواب قلبي أحكمت بالمــغالق

ألا رب فارحمني إذا جاء موعدي * * * وأقدمت نفسي مع شهـيد وسـائق

وأنت عظيم العفو يا رب فـاهدني * * * لأرجع عن ذنبي وأرضيك خالقي

عذابي لا يغنيك مثقــــال ذرة * * * كفاني بالدنيا عــذابا صـواعقي

حياتي إن كانت بها الخير فاحيني * * * قلبــي عــمره بـإيمان صادق

وإن كانت الأخـرى ألذ تــوفني * * * فما أنا للدنيا بصب وعــــاشق

شعر :
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين