الخميس، 9 أغسطس 2012

ترديد الجبال مع نبي الله داود

ترديد الجبال مع نبي الله داود (عليه السلام) ليس هو الصدى ، بل هو تسبيح حقيقي ، بدليل :
ظاهر الآية ، والتي أكدت ذلك بأسلوب لا يحتمل غيره ، لمن تأمله :
أولا : الصدى هو ترديد للصوت المرتفع مطلقا ، ولا يختص ذلك بداود (عليه السلام) ، ولا بالتسبيح وحده ، فما فائدة تخصيص داود (عليه السلام) به .
ثانيا : أمر الله تعالى للجبال بالترديد معه (عليه السلام) { يٰجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ } ، يدل على أن ترديدها هذا أمر يخرج عن ترديد الجبال المعتاد بالصدى المعروف ؛ لأن الله تعالى أمرها أمرا خاصا به .
ثالثا : لو كانت الآية قد ذكرت الجبال وحدها لكان احتمال كون الترديد هو مجرد الصدى واردا ، لكن أن يكون الأمر موجها للجبال والطيور ، فهذا يدل على أن الأمر الواحد الذي جمعهما ليس هو الصدى ؛ لأن الطيور لا علاقة لها بالصدى .
ولا يصح أن يكون أمر واحد دالا عن معنيين متغايرين { يٰجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ } ، فيكون الأمر للجبال بفعل الصدى (الذي تفعله بغير إرادة مع كل أحد ولكل صوت) ، ويكون للطيور هو التسبيح .
رابعا : لو كانت الآية هكذا : (ياطيور أوبي معه والجبال) ، لأمكن أن يقال : إن الأمر للطيور وحدها ، وأما الجبال فكانت تردد الصدى ، فالعطف حينها لا على الأمر بالتسبيح ، وإنما على بيان الواقع : فالطيور كانت تسبح مع داود (عليه السلام) ، وكانت الجبال ترجع صوت تسبيحهما .
لكن الآية لم تكن كذلك ، فجعلت الأمر موجها ابتداء للجبال ، وعطفت الطيور عليها فيه : فدلت بأسلوب معجز مختصر على المعنى : فالجبال هي المأمورة أساسا بالتسبيح ، وأما الطير فلا يمكن أن يكون ترديدها هو الصدى (كما سبق) ، فدل ذلك على أنهما جميعا كانوا يسبحون .
أخيرا : تخيلوا مشاعر داود ( عليه السلام) والجبال والطيور من حوله تردد معه تلاوته الشجية ، أي حب وأنس سيجده بهذا الاجتماع على حب الله تعالى والأنس به !
{ وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا دَاوُدُ مِنَّا فَضْلاً يٰجِبَالُ أَوِّبِى مَعَهُ وَٱلطَّيْرَ } .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق