الخميس، 3 يناير 2013

ميراث الولد العاق


عقوق الوالدين من المحرمات والكبائر. فقد أخرج ابن حبان والنسائي عن عبدالله بن عمرو بن العاص. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "لا يدخل الجنة عاق ولا منان ولا مدمن خمر". وأخرج الطبراني عن جابر بن عبدالله. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "ريح الجنة يوجد من مسيرة ألف عام. والله لا يجدها عاق. ولا قاطع رحم". وأخرج البخاري عن عبدالله بن عمرو بن العاص. أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه". وقيل يا رسول الله. كيف يلعن الرجل والده؟ فقال - صلي الله عليه وسلم - : "يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه. ويسب أمه فيسب أمه".
ومع أن عقوق الوالدين من أكبر الكبائر إلا أنه ليس مانعاً من موانع الميراث. ولا قاطعاً للنسب. وإنما هو ابتلاء ومصيبة تستوجب ملاحقة الابن العاق بالنصح والتأديب والمتابعة دون يأس. وبكل الوسائل المشروعة عن طريق الترغيب. وعن طريق الترهيب. وعن طريق الأصدقاء. وعن طريق أهل الخير. وعن طريق الدعاء لله سبحانه. فقد وعد عباده بالاستجابة. كما قال تعالي: "وقال ربكم ادعوني استجب لكم" "غافر: 60".
وقد يتوجه الأب من أجل معاقبة ابنه العاق إلي توزيع ممتلكاته علي ابنائه البررة في صورة عطايا في الحياة وهذا يزيد من العقوق. ويحدث الشقاق بين الاشقاء. ولكنه يحقق رغبة مشروعة عند الأب. وهي معاقبة العاق. ولذلك اختلف الفقهاء في حكم التسوية بين الأولاد في العطية علي مذهبين.
المذهب الأول: يري أن التسوية بين الأولاد في العطايا مستحبة وليست واجبة. فيجوز للأب أن يخص بعض الأبناء بعطية دون بعض. وهو مذهب الجمهور. قال به الحنفية والمالكية والشافعية. وحجتهم: ما أخرجه مسلم من حديث النعمان بن بشير. أن أباه لما أعطاه عطية. وذهب به إلي النبي - صلي الله عليه وسلم - ليشهد عليها. ولم يكن الأب قد أعطي سائر ولده مثل هذه العطية. قال له النبي - صلي الله عليه وسلم -: "أشهد علي هذا غيري". وهذا دليل علي عدم التحريم» لأنه لو كانت العطية لبعض الأولاد دون بعض محرمة لنهاه عن ذلك. ولم يجعل له مخرجاً بقوله: "أشهد علي هذا غيري".
المذهب الثاني: يري أن التسوية بين الأولاد في العطايا واجبة وليست مستحبة. وبهذا قال أبويوسف من الحنفية. وهو رواية عن الإمام مالك. وإليه ذهب الحنابلة. وحجتهم: ما أخرجه الشيخان من حديث النعمان بن بشير الذي أعطاه أبوه عطية. خصه بها عن سائر إخوته. وذهب ليشهد النبي - صلي الله عليه وسلم - عليها. فقال - صلي الله عليه وسلم -: "يا بشير ألك ولد سوي هذا؟" قال: نعم. قال "كلهم وهبت له مثل هذا؟" قال: لا. فقال - صلي الله عليه وسلم -: "فأرجعه". وفي رواية: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" وفي رواية: "لا تشهدني علي جور. إن لبنيك من الحق أن تعدل بينهم".
أ.د.سعد الدين الهلالي