الخميس، 28 يونيو 2012

فتاوي تخص المرأة المسلمة في الصلاة (2)


تسأل سائلةٌ :- هل يجوز صلاة المرأة بالبنطلون ؟ حيث أنني أرى في موقع العمل بعض الزميلات يرتدين البنطلون ويصلين به !! ،، وما هو الزي الشرعي للمرأة في الصلاة ؟؟!! 

الجواب :-
الحمد لله ، وصلي الله علي نبيه ومصطفاه ...... وبعد....

أيتها الأخت الكريمة :-

بداية المشكلة تبدأ من خروجها من بيتها مرتدية البنطال ، وتكون أكبر لو كان يعمل معها رجال ، ثم تأتي مشكلة الصلاة في البنطال.

الزي الشرعي للمرأة في الصلاة هو كلُ لباسٍ ساترٍِ لجميع بدنها عدا الوجه والكفين ، ويكون واسعاً فضفاضاً ، بحيث لا يحدد شيئاً من أعضائها
ويدل على اشتراط كون لباس المرأة ساتراً لجميع بدنها في الصلاة : حديث أم سلمة رضي الله عنها لمَّا سُئِلت عما تصلي فيه المرأة من الثياب ، فقالت : ( تُصَلِّي فِي الْخِمَارِ وَالدِّرْعِ السَّابِغِ الَّذِي يُغَيِّبُ ظُهُورَ قَدَمَيْهَا ) رواه أبو داود (639) . وقد روي مرفوعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الحافظ ابن حجر في "بلوغ المرام" (ص40) : وصحح الأئمة وقفه . وقال ابن تيمية : المشهور أنه موقوف على أم سلمة إلا أنه في حكم المرفوع "شرح كتاب الصلاة من العمدة" (ص 365).
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلاةَ حَائِضٍ إِلا بِخِمَارٍ ) رواه أبو داود (641) والترمذي (377) وابن ماجة (655) وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (7747). 
وقوله ‏(‏حائض‏)‏ المراد بالحائض : البالغة أي بلغت الحيض
والخمار : ما تغطي به المرأة رأسها
والدرع : قميص المرأة الذي يغطي بدنها ورجلها ويقال له : سابغ إذا طال من فوق إلى أسفل

فلا بد في اللباس أن يكون ساتراً لجميع البدن عدا الوجه ، واختلف العلماء في وجوب ستر المرأة للكفين والقدمين في الصلاة :

أما الكفان : فذهب الجمهور إلى عدم وجوب سترهما ، وعن الإمام أحمد فيهما روايتان ، واختار شيخ الإسلام ابن تيمية عدم الوجوب ، وقال في الإنصاف : وهو الصواب .

وأما القدمان : فالجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة على وجوب سترهما ، وهو الذي عليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء (6/178). 

قال الشيخ ابن باز رحمه الله
"أما المرأة فكلها عورة في الصلاة إلا وجهها واختلف العلماء في الكفين : فأوجب بعضهم سترهما ، ورخص بعضهم في ظهورهما ، والأمر فيهما واسع إن شاء الله ، وسترهما أفضل خروجاً من خلاف العلماء في ذلك ، أما القدمان : فالواجب سترهما في الصلاة عند جمهور أهل العلم " انتهى . "مجموع فتاوى ابن باز" (10/410).

وذهب الإمام أبو حنيفة والثوري والمزني إلى جواز كشف المرأة قدميها في الصلاة ، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية ، والمرداوي في الإنصاف

وإذا كان الثوب خفيفاً بحيث يشف عما تحته ، ويظهر من ورائه لون الجلد فإنه لا يعتبر ساتراً.   انظري "روضة الطالبين" للنووي (1/284) ، "المغني" (2/286).

ويدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ . . . الحديث) . رواه مسلم (2128)

وقوله : ( كاسيات عاريات) قال النووي في "المجموع" (4/3998) : " قيل : تلبس ثوباً رقيقاً يصف لون بدنها ، وهو المختار " انتهى .

وقال ابن عبد البر في التمهيد (13/204) : " وأما معنى قوله : ( كاسيات عاريات ) فإنه أراد اللواتي يلبسن من الثياب الشيء الخفيف الذي يصف ولا يستر ، فهن كاسيات بالاسم ، عاريات في الحقيقة " انتهى .

ويدل على كونه واسعاً فضفاضاً : حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : إن النبي صلى الله عليه وسلم كساني قُبطية مما أهداه له دحية الكلبي ، فكسوتها امرأتي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( مالك لا تلبس القبطية ؟) قلت : كسوتها امرأتي . فقال : ( مرها فلتجعل تحتها غلالة إني أخاف أن تصف حجم عظامها ) . رواه البيهقي في "السنن الكبرى" (2/234) وحسنه الألباني في "جلباب المرأة المسلمة" (ص 131). 
والقبطية ثياب كتان بيض رقاق تعمل بمصر . "لسان العرب" (7/373). 
والغلالة ثياب تلبس تحت الثياب

وعلى هذا فلا يجوز للمرأة أن تلبس ثياباً ضيقة تحدد عورتها ، كالبنطال

قال الشيخ صالح الفوزان : " الثياب الضيقة التي تصف أعضاء الجسم وتصف جسم المرأة وعجيزتها وتقاطيع أعضائها لا يجوز لبسها ، والثياب الضيقة لا يجوز لبسها للرجال ولا للنساء ، ولكن النساء أشدّ ؛ لأن الفتنة بهن أشدّ ،، أما الصلاة في حد ذاتها ؛ إذا صلى الإنسان وعورته مستورة بهذا اللباس ؛ فصلاته في حد ذاتها صحيحة ؛ لوجود ستر العورة ، لكن يأثم من صلى بلباس ضيق ؛ لأنه قد يخل بشيء من شرائع الصلاة لضيق اللباس ، هذا من ناحية ، ومن ناحية ثانية : يكون مدعاة للافتتان وصرف الأنظار إليه ، ولاسيما المرأة ، فيجب عليها أن تستتر بثوب وافٍ واسعٍ ؛ يسترها ، ولا يصف شيئًا من أعضاء جسمها ، ولا يلفت الأنظار إليها ، ولا يكون ثوبًا خفيفًا أو شفافًا ، وإنما يكون ثوبًا ساترًا يستر المرأة سترًا كاملاً " انتهي.  "المنتقى من فتاوى الشيخ صالح الفوزان" (3/454).

وعلي كل حال فعلي المرأة أن تستتر بعيداً عن أعين الرجال وهي تصلي.

والله تبارك وتعالي أعلم. وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد.


كتبها :-
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
عَامَلَهُ الله بِلطْفِهِ الخفي

فتاوي تخص المرأة المسلمة في الصلاة (1)


·    هل يجوز للمرأة أن تصلي وهي متزينة بالذهب، والمكياج؟
والجواب :-
الحمد لله ، وصلي الله علي نبيه ومصطفاه ... وبعد :
نعم للمرأة أن تصلي، وهي متزينة بالذهب، والملابس الجميلة، والمكياج إذا كان المكياج نظيفاً طاهراً ليس فيه نجاسة، لا حرج في ذلك، لها أن تصلي مع الخشوع، ومع الإقبال على الله -عز وجل-، الله -جل وعلا- يقول –سبحانه- في كتابه العظيم: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (31) سورة الأعراف.
فالمؤمن مشروع له أن يصلي بزينته في المساجد في الملابس الحسنة، والعمامة الحسنه، وهكذا المرأة إذا صلت في ملابس جميلة لا حرج في ذلك إن شاء الله.
لكن يُشترط في ذلك أن تكون بعيدة وغير مشاهدة للرجال الأجانب عنها.
-------------------------------------
·    ما حكم صلاة المرأة إذا كانت متزينة ببيتها وحضرتها الصلاة فصلت وعلى وجهها مكياج ؟؟؟
·    هل تعتبر صلاة المرأة جائزة بعد أن توضأت ووضعت المكياج على وجهها ؟؟؟!!
والجواب :-
الحمد لله ، وصلي الله علي نبيه ومصطفاه ... وبعد :
فإن كان هذا المكياج وضع بعد الوضوء، أو وضع قبل الوضوء لكنه لا يحول دون وصول الماء عند الوضوء إلى البشرة فلا بأس فيه -إن شاء الله- بشرط أن لا يكون المكياج قد صنع من نجس.
وأما إن كان قد وضع قبل الوضوء وهو مانع من وصول الماء إلى البشرة، فالواجب إزالته حتى يصح الوضوء، وكذا إذا كان نجساً لا تصح الصلاة حتى يزال ويطهر محله بالماء المطلق.
فإذا توضأت المرأة ثم وضعت المكياج على وجهها ، أو لمسته بيدها ، فلا يضرها ذلك ، ولا يؤثر على وضوئها ولا صلاتها ، ما لم يكن نجسا ؛ فإن طهارة الثوب والبدن شرط لصحة الصلاة.

وينبغي أن يُعلم أنه لا يجوز للمرأة أن تضع المكياج أمام الرجال الأجانب عنها ؛ لأنها مأمورة بستر وجهها عنهم ، ولما في وضع المكياج من الزينة والفتنة . فإن فعلت ذلك ثم صلّت به ، فلها أجر صلاتها ، وعليها إثم تبرجها.



والله أعلي وأعلم .... وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد ، وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه.


كتبها :-
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
عَامَلَهُ الله بِلطْفِهِ الخفي




الخميس، 21 يونيو 2012

وصف وجه الرسول صلي الله عليه وسلم (كأنك تراه)



عن البراء رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أحسن الناس وجهاً وأحسنه خلقاً ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)) [متفق عليه].


وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :((كان رسول الله صلي الله عليه وسلم أزهر اللون)) [متفق عليه] . أي: أبيض مستنير مائل إلى الحُمرة .


وعن البراء بن عازب رضي الله عنه أنه سئل : (( أكان وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم مثل السيف ؟ قال لا ، بل مثل القمر )) [رواه البخاري والترمذي].


وعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال :(( رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم وما على الأرض رجل رآه غيري . قيل له : كيف رأيته ؟ قال : أبيض مليحاً مُقصَّداً )) [رواه مسلم وأبو داود].


وكان على بن أبى طالب رضي الله عنه يصف النبي صلي الله عليه وسلم وفيه :(( فكان في وجهه تدوير )) [حديث حسن أخرجه الترمذي].


وعن عبد الله بن كعب قال : سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه يحدث حين تخلف عن تبوك قال : فلمَّا سلمت على رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يبرق وجهه من السرور وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر وكنا نعرف ذلك منه [رواه البخاري ومسلم].



ومن مجموع هذه الآثار الصحيحة نجد أن النبي صلي الله عليه وسلم كان أحسن الناس وجها كالقمر ليلة البدر .. أبيضاً مليحاً ، في وجهه تدوير ، أزهر اللون أي أبيض مستنير مائل إلى الحمرة إذا سُرَّ استنار وجهه كأنه قطعة قمر ..

وأخرج الدارمى والبيهقى عن جابر بن سمرة والحديث حسن بشواهده أنه قال : رأيت النبي صلي الله عليه وسلم في ليلة أضحياه ( أي في ليلة مقمرة ) فجعلت أنظر إليه ، وأنظر إلى القمر ، أنظر إلى النبي ، وأنظر إلى القمر ثم قال : فو الله لقد كان النبي صلي الله عليه وسلم في عيني أحسن من القمر.


الله أكبر .. هذا وجه الحبيب اللهم صلى عليه واجمعنا به في الجنة .

وأخرج الدارمى والبيهقى والطبرانى وأبو نعيم والحديث أيضا حسن بالشواهد من حديث الربيع بنت معوذ رضى الله عنها : قيل لها صفى لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم يا ربُيِّع . قالت : لو رأيت النبي صلي الله عليه وسلم لقلت أن الشمس طالعة ..

الله أكبر … صلى اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن والآه.
خَرَّجَ الأحاديث وأعدَّها :-
عمر بن محمد عمر عبدالرحمن
غفر الله له ولوالديه وللمسلمين أجمعين


الأحد، 17 يونيو 2012

سَلْ عن محمد


سَلْ البلد الحرام : متي أينعت الزهور..؟ وغردت البلابل..؟
سَلْ آمنة الشريفة حين وضعته: مَنْ كُن لها القوابل..؟
سَلْ حليمة التي أرضعته: كيف سارت ناقتها من الرواحل..؟
سَلْ صاحباتها من المراضع: لِمَ عضضن عليها من الغيظ الأنامل..؟
سَلْ قومه عن صباه: هل كان يخدع أو يخاطي..؟
سَلْ الأعداء عن خُلُقه.. سَلْ رمال مكة عن عفته..وسَلْ منها الأعالي والأسافل..
سَلْ اليتامي مَنْ كفلهم..؟ وسَلْ عن حنانه الأرامل..
سَلْ الحَجَّر الأسود: مَنْ وضعه في مكانه..؟ ومَنْ كان للأمور الجلائل..؟
سَلْ الحكماء إذا تكلم: فهل هناك مقالة لقائل..؟
سَلْ الأصحاب عن دفاعه عن الحق: كيف كان يناضل..؟
سَلْ راية التوحيد: مَنْ رفعها..؟ فهُدمت للشرك المعاقل..
سَلْ العدل كيف تحقق..؟ فسارت به الظعائن والقوافل..
سَلْ الدُّنُيَا: هل دانها قبله أوبعده مماثل..؟
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَيه.. وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِه وِذُرِّيَّتِهِ.. وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ..

حكم إجهاض الحمل الناتج من اغتصاب


يحدث في كثير من الأحيان أن تغتصب نساء مسلمات وبخاصة في الحروب كما حدث في البوسنة والهرسك، وكذلك في الشيشان وغيرهما، وقد حدث ذلك للنساء في المعتقلات وبخاصة في سجون الطغاة على أيدي الزبانية، فما حكم إجهاض الجنين الذي تشعر المرأة المسلمة المغتصبة بحركته في أحشائها: هل يحرم إجهاضه بإطلاق، أم يباح إجهاضه بإطلاق، أم يفرق بين ما قبل نفخ الروح وما بعده، ولا سيما في حالات العذر الظاهر؟
 يقول الشيخ يوسف القرضاوي مجيباً على سؤال وجه إليه من بعض نساء المسلمين المغتصبات في البوسنة والهرسك: أحب أن أؤكد أولاً: أن هؤلاء النسوة من أخواتنا وبناتنا، ليس عليهن أي ذنب فيما حدث لهن، ما دمن قد رفضن وقاومن في أول الأمر، ثم أكرهن عليه تحت أسنَّة الرماح، وضغط القوة الباطشة، وماذا تصنع أسيرة أو سجينة مهيضة الجناح، أمام آسر أو سجان مدجج بالسلاح؟ لا يخشى خالقًا، ولا يرحم مخلوقًا؟!
 والله تعالى قد رفع الإثم عن المكره فيما هو أشد من الزنى، وهو الكفر، والنطق به، قال تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان)· (النحل: 106).
بل إن هؤلاء البنات والأخوات يؤجرن على ما أصابهن من البلاء، إذا تمسكن بإسلامهن الذي ابتلين وامتحن به، واحتسبن ما نالهن من الأذى عند الله عز وجل ، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم   > :ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب، ولاهمِّ ولا حزن، ولا أذى ولا غمِّ ـ حتى الشوكة يشاكها ـ إلا كفَّر الله بها من خطاياه·< رواه البخاري: في كتاب المرضى· باب: ما جاء في كفارة المرض·
فإذا كان المسلم يثاب في الشوكة يشاكها، فكيف إذا انتهك عرضه أو لوِّث شرفه؟!
أما إجهاض الحمل، فإن الأصل في الإجهاض هو المنع، منذ يتم العلوق، أي منذ يلتقي الحيوان المنوي الذكر بالبيضة الأنثوية، وينشأ منهما ذلك الكائن الجديد، ويستقر في قراره المكين في الرحم·
فهذا الكائن له احترامه وإن جاء نتيجة اتصال محرَّم كالزنى، وقد أمر الرسول المرأة الغامدية التي أقرت بالزنى واستوجبت الرجم، أن تذهب بجنينها حتى تلد، ثم بعد الولادة أن تذهب به حتى يُفطم·
وهذا ما اختاره للفتوى في الحالات العادية، وإن كان هناك من الفقهاء من يجيز الإجهاض إذا كان قبل مضي أربعين يومًا على الحمل، عملاً ببعض الروايات التي صحت بأن نفخ الروح في الجنين يتم بعد أربعين أو اثنين وأربعين يومًا·
بل من الفقهاء من يرى الجواز إذا كان قبل مضي ثلاث أربعينات أي قبل مئة وعشرين يومًا، عملاً بالرواية الأكثر شهرة بأن نفخ الروح يتم عند ذلك. والذي نرجحه هو ما ذكرناه أولاً، ولكن في حالات الأعذار لا بأس بالأخذ بأحد القولين الآخرين، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر، وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة·
ولا ريب أن الاغتصاب من عدو كافر فاجر، معتد أثيم، لمسلمة عذراء طاهرة ـ عذرٌ قوي، لدى المسلمة ولدى أهلها، وهي تكره هذا الجنين ـ ثمرة الاعتداء الغشوم ـ وتريد التخلص منه·· فهذه رخصة يفتى بها للضرورة، التي تقدر بقدرها·
ونحن نعلم أن هناك من الفقهاء من شدد في الأمر، ومنع الإسقاط ولو بعد يوم واحد من الحمل، بل هناك من حرَّم لمجرد الامتناع الاختياري عن الإنجاب، بمنع الحمل من قبل الرجل أو المرأة أو من كليهما، مستدلين بما جاء في بعض الأحاديث من تسمية (العزل) بـ (الوأد الخفي)· فلا غرو أن يُحرَّم الإجهاض بعد الحمل.
والأرجح هو التوسط بين المتوسعين في الإجازة، والمتشددين في المنع·
والقول: إن (البيضة) مذ يلقحها الحيوان المنوي تصبح (إنسانًا) إنما هو لون من (المجاز) في التعبير، فالواقع أنها (مشروع إنسان)، صحيح أن هذا الكائن يحمل الحياة، ولكن الحياة درجات ومراتب، والحيوان المنوي نفسه يحمل الحياة، والبييضة قبل تلقيحها أيضًا تحمل الحياة، ولكن هذه وتلك ليست هي الحياة الإنسانية التي تترتب عليها الأحكام·
ومن ثم تكون الرخصة مقيدة بحال العذر المعتبر، الذي يقدره أهل الرأي من الشرعيين والأطباء والعقلاء من الناس، وما عدا ذلك يبقى على أصل المنع·
على أن من حق المسلمة التي ابتليت بهذه المصيبة في نفسها، أن تحتفظ بهذا الجنين، ولا حرج عليها شرعًا، كما ذكرت، ولا تجبر على إسقاطه، وإذا قدر له أن يبقى في بطنها المدة المعتادة لحمل ووضعه، فهو طفل مسلم، كما قال النبي  صلي الله عليه وسلم   : > كل مولود يولد على الفطرة··· <· رواه البخاري: كتاب الجنائز· باب: ما قيل في أولاد المشركين· والفطرة هي التوحيد وهي الإسلام· ومن المقرر فقهاً: أن الولد إذا اختلف دين أبويه، يتبع خير الأبوين ديناً، وهذا فيمن له أب يعرف، فكيف بمن لا أب له؟ إنه طفل مسلم بلا ريب·وعلى المجتمع المسلم أن يتولى رعايته والإنفاق عليه، وحسن تربيته، ولا يدع العبء على الأم المسكينة المبتلاة، والدولة في الإسلام مسؤولة عن هذا الرعاية بوساطة الوزارة أو المؤسسة المختصة، وفي الحديث الصحيح المتفق عليه >:كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيتهرواه البخاري: كتاب الجمعة· باب الجمعة في القرى والمدن، ومسلم: كتاب الإمارة· باب فضيلة الإمام العادل· انظر فتاوى معاصرة للشيخ القرضاوي: 2/609 ـ 216· دار الوفاء· ط ثالثة· 1415هـ·
ويقول الدكتور >عبد الفتاح محمود إدريس< ـ أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر ـ مستدلاً بحديث الغامدية ومعلقا عليه: إن رسول الله  صلي الله عليه وسلم  لم يستفصل منها عما إذا كان زنا ماعز بها قد تم برضاها أو بإكراهها عليه، كما لم يستفصل منها إن كان حملها في أشهره الأولى أو بعد ذلك، فلو كان حكم الإجهاض يختلف باختلاف ظروف ارتكاب الفاحشة وعمر الجنين لاستفصل رسول الله  صلي الله عليه وسلم  عن ذلك، ولَبَيَّنَ لها ـ وقد ذكَرَت أنها حُبلى ـ أن لها أن تُجهض هذا الجنين إن كان عمره كذا أو نحو ذلك، لأنه وقت الحاجة إلى البيان، وتأخير البيان عن وقت الحاجة إليه لا يجوز، فلما لم يستفصل ولم يبين دل على حرمة إجهاض الجنين ولو كان من سفاح، أياً كانت ظروف ارتكاب الفاحشة أو عمر الجنين·
إن الجنين قبل نفخ الروح فيه له حرمة، وإن لم تكن كحرمة من نُفخت فيه الروح، وهذه الحرمة تقتضي حرمة الاعتداء عليه، فإذا نُفخت فيه الروح بعد مضيّ مئة وعشرين يومًا من بدء الحمل به فإن الاعتداء عليه في هذه الحال يكون قتلاً لنفس حرَّم الله قتلها إلا بالحق، وليس من الحق إزهاقُها لمجرد إتيانها من سفاح·  من فتوى لـ د.عبد الفتاح إدريس على موقع إسلام أون لاين.
ولا شك أن الأصل حرمة الإجهاض، ولا سيما إن نفخت فيه الروح، وما دام للفقهاء اختلاف قبل نفخ الروح ففي مثل حالات الأعذار ـ التي منها بلا شك اغتصاب العدو لها، أو اغتصاب الزبانية لها في سجون الطغاة ـ لا بأس بالأخذ بأحد القولين الآخرين، كما يقول الشيخ القرضاوي، استثناء من الأصل، وإباحة للمحظور بالضرورة القاهرة التي تقدر بقدرها، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر، وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة، على أن لها أن تحتفظ به في بطنها، ولا حرج عليها، وعلى المجتمع أن يتولاه، وألا ينظر إلى هذه المرأة المكسورة نظرة سوء. 
والله أعلم·

د. وصفي عاشور أبو زيد 
ـ باحث في العلوم الشرعية ـ
 جامعة القاهرة 2010-09-03

الخميس، 14 يونيو 2012

الطهارة للصلاة - مختصرة الأحكام -


-     الطهارة نوعان: طهارة بالماء وطهارة بالصعيد.
الحمد لله ، وصلي الله علي نبيه ومصطفاه .....وبعد :-
فهذا مختصر جامع لأحكام الطهارة للصلاة جمعته دون ذكر للأدلة - ومحلها كتب الفقه والحديث فلتراجعها هناك - وأوردتها كذلك تيسيراً علي العامة والله الموفق.
أولاً: الطهارة بالماء: الوضوء والغسل.
الوضوء:

·      صفته:
- التسمية.
-      غسل الكفين ثلاث مرات.
-      المضمضة والاستنثار.
-      غسل الوجه ثلاث مرات.
-      غسل اليدين إلى المرافق ثلاث مرات، والبدء باليد اليمنى ثم اليسرى.
-      ثم مسح الرأس مع الأذن.
-      غسل الرجلين إلى الكعبين ثلاث مرات، والبدء بالرجل اليمنى ثم اليسرى.
-      من توضأ نحو هذا الوضوء وصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه. -      

·      شروط صحته:1-          النية. 2-          التسمية. 3-          الموالاة (التتابع) .

· فرائضه:
1-          غسل الوجه،
2-          المضمضة والاستنشاق.
3-          غسل اليدين إلى المرفقين.
4-          مسح الرأس كله،
5-          مسح الأذنان.
6-          غسل الرجلين إلى الكعبين.
7-          تخليل اللحية (للرجال).
8-          تخليل أصابع اليدين والرجلين.

·      سننه:
1-                      السواك.
2-          غسل الكفين ثلاثاً في أول الوضوء.
3-          الجمع بين المضمضة والاستنشاق بغرفة.
4-          المبالغة فيهما لغير الصائم.
5-          تقديم اليمنى على اليسرى.
6-          الدلك.
7-          تثليث الغسل.
8-          الترتيب.
9-   الدعاء بعده: ((أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك)).
10-          صلاة ركعتين بعده.

·      نواقضه:
1-          مما خرج من السبيلين ((القبل والدبر)) من بول أو غائط، أو ريح.
2-          النوم المستغرق.
3-          زوال العقل بسكر أو مرض.
4-          مس الفرج من غير حائل إذا كان بشهوة.
5-          أكل لحم الإبل.

·      ما يجب له الوضوء (ما يحرم على المحدث):
1-          الصلاة.
2-          الطواف بالبيت.

·      ما يستحب له الوضوء:
1-          ذكر الله عز وجل.
2-          النوم.
3-          الجنب.
4-          قبل الغسل سواء كان واجباً أم مستحباً.
5-          أكل ما مسته النار.
6-          لكل صلاة.
7-          عند كل حدث.
8-          من القيء.
9-          من حمل الميت.
---------------------------
·      أحكام المسح على الخفين:
-      أجمع العلماء على جواز المسح على الخفين في السفر والحضر، سواء كان لحاجة أو لغيرها.
-      يجوز المسح على الخفين للمرأة الملازمة بيتها، والرجل المقعد.
-      [يجوز المسح على خمار المرأة].

·      شروط المسح على الخفين :
-      يشترط لجواز المسح أن يلبس الخفين على وضوء.

·      مدة المسح:
-      ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم.

·      محل المسح وصفته:
-      المحل المشروع مسحه ظهر الخف.
-      الواجب في المسح ما يطلق عليه اسم المسح.
·      المسح على الجوربين والنعلين:
-      يجوز المسح على الجوربين والنعلين.
·      ما يبطل المسح:
1-          انقضاء المدة.
2-          الجنابة.
3-          نزع المسموح عليه (كالجورب أو الشراب أو ما شابه) من الرجلين.
--------------------------
الغسل :
·      موجباته:
1-          خروج المني في اليقظة أو في النوم.
2-          الجماع وإن لم ينزل.
3-          إسلام الكافر.
4-          انقطاع الحيض والنفاس (للمرأة).
5-          يوم الجمعة.

·      أركانه:
1-          النية.
2- تعميم البدن بالماء.

·      صفته المستحبة:
1-          غسل اليدين، [مرتين أو ثلاثاً].
2-          غسل الفرج.
3-          الوضوء.
4-          أخذ الماء وإدخال الأصابع في أصول الشعر.
5-          ثلاث حفنات من الماء على الرأس.
6-          تعميم الماء على سائر الجسد.
7-          ثم غسل الرجلين.

·      تنبيه:
-      لا يجب على المرأة نقض شعرها في الغسل من الجنابة، ويلزمها ذلك من الغسل من الحيض.
-      يجوز للزوجين أن يغتسلا معاً في مكان واحد، ينظر كل منهما إلى عورة صاحبه.

·      الأغسال المستحبة (متي يستحب الغسل ؟!):
1-          الاغتسال عند كل جماع.
2-          اغتسال المستحاضة لكل صلاة.
3-          الاغتسال بعد الإغماء.
4-          الاغتسال من دفن المشرك.
5-          الاغتسال للعيدين ويوم عرفة.
6-          الغسل من غسل الميت.
7-          الغسل للإحرام بالعمرة أو الحج.
8-          الغسل لدخول مكة.
-------------------------------
ثانياً: الطهارة بالصعيد (التيمم) :

·      مشروعيته:
قال تعالى: ((فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيباً..)).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الصعيد الطيب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين".

·      الأسباب المبيحة له:
-  يباح التيمم عند العجز عن استعمال الماء، لفقده أو خوف ضرر من استعماله لمرض في الجسم أو شدة برد.

·      ما هو الصعيد؟
الصعيد الأرض، وقيل: الأرض الطيبة، وقيل هو كل تراب طيب.

·      صفة التيمم:
-      ضرب الكفين على الأرض، ثم النفخ فيهما، ثم المسح بهما على الوجه والكفين.
-      يباح بالتيمم ما يباح بالوضوء، ويجوز قبل دخول الوقت، ويصلي به ما شاء.

·      نواقضه:
ينقض التيمم ما ينقض الوضوء، وينقضه أيضاً وجود الماء لمن فقده، والقدرة على استعماله لمن عجز عنه، وما مضى من صلاته فصحيح لا تلزمه إعادته.
·      تنبيه:
-  من كان به جرح قد لفه، أو كسر قد جبره، فقد سقط عنه غسل ذاك الموضع ولا يلزمه المسح عليه ولا التيمم له.
-      جواز التيمم بالجدار من الطين كان أو من الحجر، مدهوناً أو غير مدهون.
--------------------------
أحكام الحيض والنفاس
-  الحيض هو الدم المعروف عند النساء، ولا حد في الشرع لأقله وأكثره، وإنما يرجع فيه إلى العادة.
-  النفاس هو الدم الخارج بسبب الولادة، وأكثره أربعون يوماً، ومتى رأت الطهر قبل الأربعين اغتسلت وطهرت، وإن استمر بها الدم بعد الأربعين اغتسلت لتمام الأربعين وطهرت.

·      ما يحرم بالحيض والنفاس:
1-          يحرم على الحائض والنفساء ما يحرم على المحدث.
2-          الصوم، وتقضيه إذا طهرت.
3-          الوطء في الفرج.

·      حكم من أتى حائضاً (جامعها) :
-  القول الراجح وجوب الكفارة، وهي التصدق بدينار إذا كان في أوله، ونصف دينار إذا كان في أخره.
·  [يجوز للحائض قراءة القرآن عن ظهر قلب من دون مس للمصحف، وإن احتاجت لمس المصحف، فيجوز لها بشرط أن يكون من وراء حائل مثل القفازين ونحوهما].
·      الاستحاضة:
-      هي دم يخرج في غير أوقات الحيض والنفاس أو متصلاً بهما.
-  فإن كان غير متصلاً بهما فأمرها واضح، بمعنى أن الدم نزل بعد انتهاء مدة الحيض أو النفاس، فهنا الاستحاضة أمر حكمها واضح.
-  وإن كان متصلاً بهما، ينظر إلى المرأة، فإن كانت المرأة لها عادة فما زاد على عادتها فهو استحاضة.
-      وإن كانت مميزة بين الدمين فالحيض هو الأسود المعروف، وغيره استحاضة.
-      وإن كانت لا تستطيع التمييز رجعت إلى غالب عادة نسائها.

·      أحكام المستحاضة:
-      لا يحرم على المستحاضة شئ مما يحرم بالحيض، إلا أنه يلزمها الوضوء لكل صلاة.
-      ويسن لها الغسل لكل صلاة.

والله أعلم ، وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد وعلي آله وصحبه.

بقلم : 
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن