السبت، 13 أكتوبر 2012

نجاة الأمة من الفتن


بقلم فضيلة الأستاذ الدكتور : أحمد عمر هاشم

إن أمان الأمة من الفتن ما ظهر منها وما بطن‏,‏ وإن ثباتها علي الحق والهدي وبعدها عن لباطل والضلال‏,‏ لا يكون إلا بتمسكها بكتاب ربها وسنة نبيها ـ عليه أفضل الصلاة وأتم السلام‏.‏
قال عليه الصلاة والسلام: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي رواه مالك والحاكم في المستدرك.
وفي حديث آخر: وأنا تارك فيكم كتابين: كتاب الله وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي رواه مسلم, وما ذلك إلا لأن آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم ـ قاموا علي شريعته, وتمسكوا بسنته, وطبقوا ما وجههم به رسولهم ـ صلي الله عليه وسلم.
لذا أكد الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ محبتهم, فقال: أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه, وأحبوني لحب الله وأحبوا آل بيتي لحبي.. وقال أبوبكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ ارقبوا محمدا في آل بيته.
أما الأمر الأول الذي وجه الحديث إليه في قوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ: تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبدا كتاب الله وسنتي فهو القرآن الكريم, وأما الثاني في هذا الحديث فهو الحديث النبوي أو السنة النبوية, وأما الأمر الثاني في الحديث الآخر فهم آل البيت.
ويجب أن نوضح أن الأمر الأول في الحديثين وهو القرآن الكريم من تمسك به واهتدي بهديه وسار علي نهجه واهتدي إلي صراط مستقيم, لأنه الكلام المعصوم والدستور السماوي الذي لا تحوم حوله شبهة, ويهدي الناس إلي صراط ربهم المستقيم, فيوحدهم ويجمعهم علي الخير والهدي, فلا يختلفون ولا يتناحرون, وما اختلف الناس وتناحروا وتنافروا إلا بسبب بعدهم عن كتاب ربهم الذي يهدي إلي أقوم السبل إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم.
وأما الأمر الثاني فيتمثل في السنة النبوية المطهرة التي تشرح القرآن وتفصل مجمله وتوضح مبهمه.
وفي الحديث إشارة إلي آل بيت النبي صلي الله عليه وسلم ـ في قوله عليه الصلاة والسلام: وأهل بيتي..., لأنهم نماذج القدوة والأسوة, كما أن أصحاب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ هم أيضا نماذج القدوة, أخذوا عن الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ وأخذوا الرسول عن رب العزة ـ سبحانه وتعالي, لذا جاء التوجيه في الحديث الآخر إلي حب الله, لأنه صاحب الفضل والنعمة, ثم إلي حب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ثم إلبي حب آل البيت من أجل حبيبهم رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه... إلخ الحديث.
ومعلوم أن محبة الله تعالي تتجلي في طاعته, وفي اتباع رسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ قال الله سبحانه:( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)
وبحب الإنسان لربه ولرسوله ـ صلي الله عليه وسلم ـ ولإخوانه ولدينه يصيب حلاوة الإيمان, عن أنس رضي الله عنه, عن النبي صلي الله عليه وسلم ـ قال: ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه, كما يكره أن يقذف في النار رواه مسلم.
وادعاء محبة الله ـ تعالي دون طاعته, ادعاء كاذب, كما قال القائل:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه
هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته
إن المحب لمن يحب مطيع
وأما محبة رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ فقد تجلت في طاعته من يطع الرسول فقد أطاع الله, وقد جعل الله ـ تعالي الذين يبايعونه إنما يبايعون الله ولم يقل كالذين يبايعون الله, بل قال تعالي:( إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله).
ولقد كان أصحاب رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ لا يطيقون فراقه حبا له, وتمسكا به, مثل ثوبان مولي رسول الله ـ صلي الله عليه وسلم ـ شديد الحب له قليل الصبر عنه, فأتاه ذات مرة, وقد تغير لونه, فلما سأله الرسول ـ صلي الله عليه وسلم ـ قائلا: ما غير لونك؟.. أجاب قائلا: ما بي مرض ولا وجع غير أني إن لم أرك استوحش وتذكرت الآخرة وتذكرت أنك تكون في مقام أسمي وأعلي ونحن دونك فلا نراك.. فنزل قول الله ـ تعالي:( ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا) سورة النساء آية(96).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق