هذه عبارة لشيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (درء تعارض العقل والنقل)، أوردها في خاتمة كلامه عن اختلاف حكم مجادلة أهل الباطل باختلاف أحوال المجادِلين والمجادَلين، قال في آخرها عمن يغالط في البدهيات: ((بل إن كان فاسد العقل داووه، وإن كان عاجزا عن معرفة الحق - ولا مضرة فيه - تركوه، وإن كان مستحقا للعقاب عاقبوه - مع القدرة - : إما بالتعزير، وإما بالقتل، وغالب الخلق لا ينقادون للحق إلا بالقهر)).
فصار يحتج بهذه العبارة المجتزأة والمعنون بها هذا المقال بعضُ من يريدون تشريع الإكراه على المعتقدات وتجويزَ الإجبار على تغيير القناعات!!.
فأولا: كلام شيخ الإسلام ليس وحيا، فما أسهل تخطيئه، إذا خالف الصوابَ ودليله! فليس كلامه دليلا يُحاجُّ به الناس، بل كلامه كغيره من كلام أهل العلم، لا يقوم بغير دليل.
ثانيا: سياق كلامه يدل على أنه يتحدث عن القناعات، وأن غالب الخلق تتغير قناعاتهم بالإكراه والقهر؛ لأنه في سياق الحديث عن الجدل والحوار.
من الممكن أن يقول قائل ذلك، لكن السياق القريب كان عن المغالِـط في الجدل، والذي يُنكر الضروريات العقلية والبدهيات، وهذا هو الذي ختم الكلام عنه بقوله: ((وغالب الخلق لا ينقادون للحق إلا بالقهر))، ولم يكن حديثه عن عموم الناس وطريقة إقناعهم، وإنما عمن كان يعرف الحق ويغالط أهله، معاندا مستكبرا!!
ومع ذلك فهذه العبارة بغض النظر عن سياقها تحتمل معنى صوابا، ومعنيين خاطئين، فإن أراد ابن تيمية المعنى الصحيح فقد أصاب، وإن أراد الخطأ فقد أخطأ. أما المعنى الصحيح: فهو أن أحوال الناس لا تستوي إلا بالأنظمة والقوانين والعقوبات التي تزجرهم عن البغي والعدوان والإضرار بالمصالح العامة والحقوق الخاصة ولا يصلح حال غالب الناس، وكل المجتمعات؛ إلا بهذا القهر، وهو قهر الأنظمة والقوانين والعقوبات. وهذا القهر هو قهر إلزام بالقناعات، وليس قهرا على تغيير القناعات! وشتان ما بين الأمرين!! بمعنى أن تحريم السرقة وتجريم القتل ومنع الإخلال بالنظام العام الموضوع لمصلحة الجميع لا يشك أحد من العقلاء في أنه كله حق، ومع ذلك: لولا المحاسبة والعقوبة لتهافت غالب الناس على خرق الأنظمة والاعتداء على الحقوق الخاصة والعامة.
وأما ما تحتمله العبارة من معنى خطأ، فهما معنيان:
فالأول: هو أن غالب الناس تتغير قناعاتهم بالقهر والإجبار وهذا معنى ترفضه العقول، ويخالف طبيعة البشر؛ فلا علاقة للقناعات بالإكراه، فالإكراه قد يغير ظواهر الناس، لكنه لا يمكن أن يغير بواطنهم (من القناعات والعواطف)، كما أنه يعارض معارضة قطعية منهج الأنبياء والرسل (عليهم السلام) في الدعوة.
والمعنى الثاني: أن الغلبة والانتصار يتم بالقهر والقوة، ولكن هذا لا يخص الحق، فالباطل قد يغلب بالقهر والقوة أيضا، فزوال الإسلام من الأندلس، بعد ثمانية قرون من انتشاره، تم بغلبة القهر وأمرٌ كان يغلب الباطل به، لا يقال عنه ((غالب الخلق لا ينقادون للحق إلا بالقهر))؛ لأنه سيقال: هذا القهر الذي يصل إلى حد رفع المشانق لمحاكم التفتيش ينقاد الناس له، سواء أكان يدعو إلى حق أو باطل؛ لكن هذا القهر نفسه باطل، لأنه ظلم وإكراه.
إذن: فالاحتجاج بهذه العبارة على تجويز تغيير القناعات بالقوة احتجاج باطل: شكلا ومضمونا!.
فصار يحتج بهذه العبارة المجتزأة والمعنون بها هذا المقال بعضُ من يريدون تشريع الإكراه على المعتقدات وتجويزَ الإجبار على تغيير القناعات!!.
فأولا: كلام شيخ الإسلام ليس وحيا، فما أسهل تخطيئه، إذا خالف الصوابَ ودليله! فليس كلامه دليلا يُحاجُّ به الناس، بل كلامه كغيره من كلام أهل العلم، لا يقوم بغير دليل.
ثانيا: سياق كلامه يدل على أنه يتحدث عن القناعات، وأن غالب الخلق تتغير قناعاتهم بالإكراه والقهر؛ لأنه في سياق الحديث عن الجدل والحوار.
من الممكن أن يقول قائل ذلك، لكن السياق القريب كان عن المغالِـط في الجدل، والذي يُنكر الضروريات العقلية والبدهيات، وهذا هو الذي ختم الكلام عنه بقوله: ((وغالب الخلق لا ينقادون للحق إلا بالقهر))، ولم يكن حديثه عن عموم الناس وطريقة إقناعهم، وإنما عمن كان يعرف الحق ويغالط أهله، معاندا مستكبرا!!
ومع ذلك فهذه العبارة بغض النظر عن سياقها تحتمل معنى صوابا، ومعنيين خاطئين، فإن أراد ابن تيمية المعنى الصحيح فقد أصاب، وإن أراد الخطأ فقد أخطأ. أما المعنى الصحيح: فهو أن أحوال الناس لا تستوي إلا بالأنظمة والقوانين والعقوبات التي تزجرهم عن البغي والعدوان والإضرار بالمصالح العامة والحقوق الخاصة ولا يصلح حال غالب الناس، وكل المجتمعات؛ إلا بهذا القهر، وهو قهر الأنظمة والقوانين والعقوبات. وهذا القهر هو قهر إلزام بالقناعات، وليس قهرا على تغيير القناعات! وشتان ما بين الأمرين!! بمعنى أن تحريم السرقة وتجريم القتل ومنع الإخلال بالنظام العام الموضوع لمصلحة الجميع لا يشك أحد من العقلاء في أنه كله حق، ومع ذلك: لولا المحاسبة والعقوبة لتهافت غالب الناس على خرق الأنظمة والاعتداء على الحقوق الخاصة والعامة.
وأما ما تحتمله العبارة من معنى خطأ، فهما معنيان:
فالأول: هو أن غالب الناس تتغير قناعاتهم بالقهر والإجبار وهذا معنى ترفضه العقول، ويخالف طبيعة البشر؛ فلا علاقة للقناعات بالإكراه، فالإكراه قد يغير ظواهر الناس، لكنه لا يمكن أن يغير بواطنهم (من القناعات والعواطف)، كما أنه يعارض معارضة قطعية منهج الأنبياء والرسل (عليهم السلام) في الدعوة.
والمعنى الثاني: أن الغلبة والانتصار يتم بالقهر والقوة، ولكن هذا لا يخص الحق، فالباطل قد يغلب بالقهر والقوة أيضا، فزوال الإسلام من الأندلس، بعد ثمانية قرون من انتشاره، تم بغلبة القهر وأمرٌ كان يغلب الباطل به، لا يقال عنه ((غالب الخلق لا ينقادون للحق إلا بالقهر))؛ لأنه سيقال: هذا القهر الذي يصل إلى حد رفع المشانق لمحاكم التفتيش ينقاد الناس له، سواء أكان يدعو إلى حق أو باطل؛ لكن هذا القهر نفسه باطل، لأنه ظلم وإكراه.
إذن: فالاحتجاج بهذه العبارة على تجويز تغيير القناعات بالقوة احتجاج باطل: شكلا ومضمونا!.
د.الشريف حاتم بن عارف العوني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق