شعر لـ فضيلة الشيخ : محمد الخضر حسين
ولـدتْكَ تبغي فـي الـحياةِ أنيسا * يَـرعى عـقولاً أو يـقودُ خميْسا
ولَــرُبَّ أمٍّ أمَّـلتْ فـي طـفلها * هـممَ الـملوكِ فـقامَ يحدو العِيسا
فـكُنِ الـهُمامَ يخوضُ لُجَّةَ حِكمةٍ * أو يـرتدي سـيْفاً ويـفتحُ خـيساً
ولـدتْكَ سـمحَ النفسِ لا تدري لم * وضعوا السجونَ وأرسلوا الجاسوسا
تـبدو عـلى فَـمِك ابتسامةُ زهرةٍ * جـادَ الـحيا بُـستانَها الـمأنوسا
وقَـضَيْتَ حـيناً لا تُـسرُّ ضغينةً * يـوماً ولا تُـبدي الـرِّضا تدليسا
وشـعرتَ مـن رُعيا أبيكَ بأنَّ في * أبـناءِ قـومِك سـائساً ومـسوساً
يـا ليتَ قلبَ أبيك بين ضلوعِ من * سـتكونُ فـي يـومٍ لـه مرؤوسا
ما كنتَ تفقَه أنَّ فوق الأرضِ مجـ * ـرومـاً عـليه وجَـارِماً غطريسا
فـظَنَنْتَها الفردوسَ حتى أَبصرَتْ * عـيناكَ حـقَّ ضـعيفِهم مبخوسا
يـسطو القويُّ على الضعيفِ وربَّما * صارَ الضعيفُ على القويِّ رئيسا
حَـبَسوا عصيراً في الدِّنان وطالما * تـركوه فـي ظـلماتها مـحبوسا
أرأيـتَ كـيف سـطا على ألبابِهِم * بِـقَناً تُـسمَّى فـي البيانِ كؤوسا
مـاذا أبـى لـك أن تعيشَ مُقدَّسا * كـملائِكِ الـسَّبْعِ الـعُلى تـقديسا
أُعـطيتَ مَـطْلَعَ أَسْعدٍ، فحذار أَنْ * يـضعَ الهوى بَدَلَ السُّعودِ نُحوسا
هـي فـطرةُ الـخلاَّقِ كالمرآةِ لا * تـلقى بـها عِـوَجاً ولا تـدنيسا
تـزدادُ يُـمناً مـا اتَّقيتَ، فإن دنا * مـنها الـخنا كـانتْ عليك بَسوسا
وَرِيـتْ زِنـادُ يـدٍ تُؤاسي بائساً * ويــدٍ تُـحطِّمُ لـلطُّغاةِ رؤوسـا
وكَـبتْ زِنـادُ يـدٍ غدتْ تبني لآ * مـالِ الـدُّعاةِ الـمُصلحينَ رُموسا
وكَـبتْ زِنـادُ يـدٍ غدتْ تبني لآ * مـالِ الـدُّعاةِ الـمُصلحينَ رُموسا
يـا مـن يَعوقُ الخيرَ لستَ بفائتٍ * يـوماً وإن طـالَ الـزمانُ عُبوسا
نـرثي لأقمارِ الدُّجى والأرضُ قد * طَـمَستْ سناها بالخُسوفِ طُموسا
والأرضُ لـولا هـذه الأقـمارُ لم * تـلبسْ لأيـامِ الـكُسوف دُمـوسا
فـي الـعيشِ آلامٌ وفـي الآلامِ ما * يُـدنِي رَغـائِبَ أو يُـزيحُ بُؤوسا
شدُّوا على الطفلِ القِماطَ فصاحَ مِنْ * جــزعٍ يــرومُ لـشِدَّةٍ تـنفيسا
والـغُمْرُ يـأبى أن يَطوعَ لفاصدٍ * يَـنفي دمـاً مـن راهشَيهِ خَسيسا
والشَّهمُ من عانى الخُطوبَ وراضَه * فَـغَدَتْ أَرقَ مـن الـنَّسيمِ مَسيسا
ونـفاسةُ الأشـياءِ فـي غـاياتِه * فـاحْمَدْ رمـاءَك إن أصبْتَ نفيسا
ضـلَّتْ سـبيلَ المجدِ نفسٌ فاخرتْ * نـفساً وعـدَّتْ مـنزلاً ولُـبوسا
كـم شـبَّ وغدٌ في الحلى ومقامه * صـرحٌ يـكادُ يُـناطحُ البِرْجِيسا
لا فـخرَ فـي الـدنيا بغيرِ عزائمٍ * تـفري الـحديدَ ولا تهابُ وطيسا
وإذا الـرَّويَّةُ أيْـقظَتْ عَزمَ الفتى * مـلأتْ مـعاليه الـفِخامُ طُروسا
أَفـتَى دمـشقَ لديك ذِكرى راحلٍ * لاقـى بـها الـتَّرحيبَ والـتأْنِيسا
تـرتادُ روضـاً مُخصِباً وهَزارُهُ * يـشدو على الغُصنِ الأَنيقِ مَيوسا
تـجني ثـماراً أو تُـمتِّعُ نـاظرا * وتَـشُـمُّ ريَّـا أو تَـلَذُّ حَـسيسا
أمَّـا نـعيمُ الـرُّوحِ فـهي هدايةٌ * تـلقى بـها وجـهَ الـحياةِ أنيسا
هـذا كـتابُ الله يُـبدي لـلورى * حِـكَماً كـما تُبدي السماءُ شُموسا
حُـجَجٌ تـذودُ عن النُّهى شُبهاً ولو * حـامَ الـجُحودُ بـها لَـخَرَّ فَريسا
أَلـقى زِمـامَ سِـياسَةِ الـدُّنيا إلى * مـلأٍ رَعَـوْهُ وأقـرضُوه نُفوسا
وأقــامَ سـوقاً لـلمكارِمِ نـاشرا * فـيـها بـمذياعِ الـبيانِ دُروسـا
لـولا هُـداهُ لَحارَ أذكى الناسِ في * إصـلاحِ أُمَّـتِه وعـادَ يَـؤوسا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق