السبت، 7 يوليو 2012

النية في الصيام

يقول السائل: كيف تكون النية في الصيام، وما الحكم لو نوى الصائم أثناء النهار قطع الصوم ولكنه لم يفعل ما يفطره فعلاً؟



يجيب علي هذا السؤال فضيلة الشيخ الدكتور : حسام الدين بن موسى محمد بن عفانه - حفظه الله - :-


الجواب: النية فرض من فرائض العبادة، سواء أكانت العبادة صلاةً أو صياماً أو حجاً أو غيرها، وقد ثبت في الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئٍ ما نوى) رواه البخاري وغيره. والصوم لا بد فيه من نية، فلا يصح الصوم بدون نية، سواء أكان الصوم فرضاً أو نفلاً أو قضاءً، وإن اختلف أهل العلم في وقت النية في أنواع الصيام المذكورة، وبالنسبة لصوم رمضان، فالراجح من أقوال أهل العلم أنه لا بد من تبييت النية، أي لابد أن ينوي المسلم الصيام قبل طلوع الفجر، ويدل على ذلك حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن أخته حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صوم له) رواه أبو داود وابن خزيمة والدارقطني والبيهقي وغيرهم، وهو حديث صحيح كما قال العلامة الألباني، انظر إرواء الغليل 4/ 25.
ومعنى (يجمع) في الحديث أي يعزم، أي لا بد لمن أراد الصوم أن يعزم على الصيام خلال الليل، ويكون ذلك من وقت المغرب إلى طلوع الفجر، وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا القول المرجح: [إنه أوسط أقوال أهل العلم في المسألة]، انظر مجموع الفتاوى 25/ 120.
وكما قلت فإن المقصود من النية العزم على الصوم، وليس المراد أن يتلفظ بالنية، كأن يقول بلسانه:"نويت أن أصوم يوم غدٍ من شهر رمضان" أو نحو ذلك من العبارات فإن التلفظ بالنية بدعة لا أصل له في الشرع، لأن النية من عمل القلب وليست من عمل اللسان، وقد اتفق معظم العلماء على أن محل النية القلب والتلفظ بها بدعة لأن ذلك لم ينقل عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه علّم أصحابه التلفظ بالنية، ولا أمر به أحداً منهم فلو كان ذلك مشروعاً لبينه عليه الصلاة والسلام إما بالقول أو بالفعل أو بهما وكل ذلك لم يكن.

وينبغي أن يعلم أن كل يوم من أيام رمضان يحتاج إلى نية مستقلة، على الراجح من أقوال أهل العلم لأن كل يوم من أيام رمضان عبادة مستقلة، وهذا بخلاف قول الإمام مالك أنه تجزئ نية واحدة لجميع شهر رمضان.

قال الشيخ ابن قدامة المقدسي مستدلاً للقول الراجح: [ولنا أنه صومٌ واجبٌ، فوجب أن ينوي كل يومٍ من ليلته كالقضاء، ولأن هذه الأيام عباداتٌ لا يفسد بعضها بفساد بعض ويتخللها ما ينافيها ... ] المغني 4/ 111.

وأما مسألة لو نوى الصائم في نهار رمضان قطع الصيام ولم يأكل ولم يشرب ولم يأت شهوته، فإن المسألة خلافية بين أهل العلم، فمنهم من يرى أن من نوى الإفطار فقد أفطر وإن لم يأكل ولم يشرب، لأن الصوم عبادةٌ من شرطها النية، فيفسد الصوم بنية الخروج منه.

ومن أهل العلم من يرى أن من نوى الفطر لا يفطر، لأنه لم يفعل ما يوجب الفطر، وهذا القول هو الذي أختاره وأرجحه، وهو قول الحنفية والأصح عند الشافعية، كما قال الإمام النووي في المجموع 3/ 285.
وقاسوا ذلك على من نوى الكلام في صلاته ولم يتكلم فصلاته صحيحة ولأن الصوم ملحق بالتروك، انظر الموسوعة الفقهية 28/ 27.
فضيلة الشيخ الدكتور : 
حسام الدين بن موسى محمد بن عفانه - حفظه الله -
أستاذ الفقه والأصول  / جامعة القدس .
عضو مجلس البحث العلمي في جامعة القدس سابقاً. 
عضو الرقابة الشرعية لشركة التكافل للتأمين الإسلامي.
رئيس دائرة الفقه والتشريع / كلية الدعوة وأصول الدين / جامعة القدس حالياً.
رئيس هيئة الرقابة الشرعية لبنك الأقصى الإسلامي منذ سنة 1998م وحتى الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق