يقول السائل:
كثير من النساء عندما يردن بيع الحلي الذهبية القديمة التي لديهن يذهبن إلى الصائغ فيعطينه الذهب القديم ويأخذن ذهباً جديداً ويدفعن فرق السعر، فما حكم ذلك؟
هذا البيع باطل ولا يجوز شرعاً لأنه يشترط في بيع الذهب بالذهب أمران أولهما اتحاد الوزن أي التساوي في الوزن والثاني التقابض في مجلس البيع والشراء وفي صورة السؤال فإن الذهب الجديد لم يساو الذهب القديم في الوزن حيث إنه تم دفع الفرق في السعر بينهما.
وحتى يكون هذا البيع صحيحاً فإن المرأة تبيع الذهب القديم إلى الصائغ بالسعر الذي يتم الاتفاق عليه وتقبض الثمن ثم تشتري منه ذهباً جديداً بالسعر الذي يتم الاتفاق عليه والأولى والأفضل أن تبيع المرأة الذهب القديم إلى الصائغ وتقبض الثمن ثم تذهب إلى السوق فتطلب حاجتها من الذهب من غيره من الصاغة فهذا أحسن كما ذهب إليه الإمام أحمد. المغني 4/ 42.
وقد صح في الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض - أي لا تزيدوا - ولا تبيعوا الورق - الفضة - بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائباً بناجز) رواه البخاري ومسلم.
قال الإمام النووي: [قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا سواء بسواء)، قال العلماء: هذا يتناول جميع أنواع الذهب والورق من جيد ورديء وصحيح ومكسور وحلي وتبر وغير ذلك وسواء الخالص والمخلوط بغيره وهذا كله مجمع عليه] شرح النووي على مسلم 4/ 195.
وقال ابن قدامة المقدسي: (والجيد والرديء والتبر والمضروب والصحيح والمكسور سواء في جواز البيع مع التماثل وتحريمه مع التفاضل وهذا قول أكثر أهل العلم) المغني 4/ 8.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الذهب بالذهب وزناً بوزن مثلاً بمثل والفضة بالفضة وزناً بوزن مثلاً بمثل فمن زاد أو استزاد فهو ربا) رواه مسلم.
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزناً بوزن) رواه مسلم.
ويؤخذ من هذه الأحاديث وغيرها أن الأموال الربوية أي التي يجري فيها الربا لا يجوز بيع بعضها ببعض إلا إذا تساوى الوزن وتم القبض في مجلس العقد.
فلا يصح بيع الرديء منها بالجيد مع اختلاف الوزن وكذلك القديم بالجديد ويدل على ذلك ما ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بعث أخا عدي الأنصاري فاستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب - أي جيد - فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أكل تمر خيبر هكذا؟ قال: لا والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع - تمر رديء -، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفعلوا ولكن مثلاً بمثل أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا وكذلك الميزان) رواه مسلم.
وفي رواية أخرى عند مسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيباً).
ويدل على ذلك أيضاً ما ثبت في الحديث عن أبي سعيد قال: (جاء بلال بتمر برني - تمر جيد - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أين هذا؟ فقال بلال: تمر كان عندنا رديء فبعت منه صاعين بصاع لمطعم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوه عين الربا لا تفعل لكن إذا أردت أن تشتري التمر فبعه ببيع آخر ثم اشتر به) رواه مسلم. وفي رواية أخرى عند مسلم: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هذا الربا فردوه ثم بيعوا تمرنا واشتروا لنا من هذا).
وخلاصة الأمر أن الصحيح في هذه المعاملة أن يباع الذهب القديم بالنقود وبعد قبضها من الصائغ يشترى الذهب الجديد ولا ينبغي أن يكون هنالك تواطؤ على العقدين والأفضل هو بيع القديم لصائغ وشراء الجديد من صائغ آخر.
أ.د.حسام الدين بن موسى محمد بن عفانة
أستاذ الفقه والأصول / جامعة القدس
عضو مجلس البحث العلمي في جامعة القدس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق