الأربعاء، 8 أغسطس 2012

علامات ليلة القدر



علامات ليلة القدر
عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله قال في ليلة القدر:«ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا باردة تصبح شمسها صبيحتها ضعيفة حمراء» ([1]).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :«ليلة القدر ليلة السابعة أو التاسعة وعشرين وإن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى»([2]).

وعن زر بن حبيش قال : سمعت أبي بن كعب يقول : وقيل له إن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - يقول : من قام السنة أصاب ليلة القدر ، فقال أبي : والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثني ، والله إني لأعلم أي ليلة هي ، هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة سبع وعشرين ، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها لا شعاع لها([3]).

ما الحكمة من إخفاء ليلة القدر؟؟!!
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها بخلاف ما لو عينت لها ليلة لاقتصر عليها([4])
قال الإمام الفخر الرازي رحمه الله: أنه تعالى أخفى هذه الليلة لوجوه:
أحدها: أنه تعالى أخفاها كما أخفى سائر الأشياء، فإنه أخفى رضاه في الطاعات حتى يرغبوا في الكل، وأخفى غضبه في المعاصي ليحترزوا عن الكل، وأخفى وليَّه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل، وأخفى الإجابة في الدعاء ليبالغوا في كل الدعوات، وأخفى الاسم الأعظم ليعظموا كل الأسماء، وأخفى الصلاة الوسطى ليحافظوا على الكل، وأخفى قبول التوبة ليواظب المكلف على جميع أقسام التوبة، وأخفى وقت الموت ليخاف المكلف... فكذا أخفى هذه الليلة ليعظموا جميع ليالي رمضان.
وثانيها: كأنه تعالى يقول: لو عينت ليلة القدر وأنا أعلم بتجاسركم على المعصية، فربما دعتك الشهوة في تلك الليلة إلى المعصية فوقعت في الذنب، فكانت معصيتك مع علمك أشد من معصيتك لا مع علمك؛ فلهذا السبب أخفيتها عليك.
روى أنه - عليه الصلاة والسلام -: "دخل المسجد فرأى نائماً، فقال: يا عليُّ نبهه ليتوضأ، فأيقظه عليُّ، ثم قال عليُّ: يا رسول الله إنك سبَّاق إلى الخيرات، فَلِمَ لم تنبِّهُه؟ قال: لأن ردَّه عليك ليس بكفر، ففعلت ذلك لتخفَّ جنايته لو أبى"
فإذا كانت هذه رحمة الرسول صلي الله عليه وسلم فكيف برحمة الله تعالى !!.
فكأنه تعالى يقول: إذا علمتَ ليلة القدر؛ فإن أطعت فيها اكتسبت ثواب ألف شهر، وإن عصيت فيها اكتسبت عقاب ألف شهر، ودفع العقاب أولى من جلب الثواب.
وثالثها: أنى أخفيت هذه الليلة حتى يجتهد المكلف في طلبها حتى يكتسب ثواب الاجتهاد.
ورابعها: أن العبد إذا لم يتيقَّن ليلة القدر إنه يجتهد بالطاعة في جميع ليالي رمضان، على رجاء أنه ربما كانت هذه الليلة هي ليله القدر؛ فيباهي الله تعالى بهم ملائكته، ويقول: كنتم تقولون فيهم يفسدون ويسفكون الدماء، فهذا جدَّه واجتهاده في الليلة المظنونة، فكيف لو جعلتها معلومة له؛ فحينئذ يظهر سر قوله تعالى:
 { إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } [سورة البقرة : الآية : 30] ... [انظر : تفسير الرازى : جـ32 صـ28 وما بعدها طبعة دار الكتب العلمية بيروت].


وكتبه :-
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين.

-----------------------------
تخريج الهوامش :-
([1])أخرجه الطيالسي فى مسنده - أحاديث النساء-  وما أسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب -  عكرمة مولى ابن عباس  حديث:‏2791‏وصححه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم 5475
([2])أخرجه ابن خزيمة فى صحيحه - كتاب الصيام- جماع أبواب ذكر الليالي التي كان فيها ليلة القدر في زمن -  باب ذكر كثرة الملائكة في الأرض ليلة القدر-  حديث:‏2036‏ وحسنه الألبانى فى صحيح الجامع حديث رقم 5473.
([3]) أخرجه مسلم فى صحيحه - كتاب صلاة المسافرين وقصرها-  باب الترغيب في قيام رمضان  - حديث:‏1312‏.
([4]فتح البارى : جـ4صـ266 طبعة دار المعرفة- بيروت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق