الأربعاء، 8 أغسطس 2012

بحث حديثي حول تسمية خازن الجنة رضوان

بسم الله الرحمن الرحيم
قال الحافظ ابن كثير في البداية و النهاية (1/53) : "وخازن الجنّة ملك يقال له رضوان, جاء مصرّحًا به في بعض الأحاديث". اهـ.
ومنذ سنين , كلّما قرأت في كتاب يتحدث عن الملائكة فيذكر مقولة الحافظ إبن كثير ولا يزيد عليها إلى أن يسّر الله عزّ وجلّ الوقوف على (بعض الأحاديث), وهذا ما وقفت عليه من أحاديث :
*حديث أبيّ بن كعب :
1- أخرجه القضاعي في مسند الشهاب (1036) من طريق مخلد بن عبد الواحد, عن عليّ بن زيد بن جدعان وعطاء بن أبي ميمونة,عن زر بن حبيش, عن أبيّ بن كعب مرفوعًا : "إن لكلّ شيءٍ قلبًا, وإن قلب القرآن يس, ... وأيما مسلم قرأ يس وهو في سكرات الموت لم يقبض ملك الموت روحه حتى يجيئه رضوان خازن الجنة بشربة ...".
وفي اسناده مخلّد بن عبد الواحد, قال ابن حبّان في كتاب المجروحين (1096) : منكر الحديث جدًا.
وحكم الشيخ الألبانيّ على الحديث في السلسلة الضعيفة (5870) بأنه موضوع.
2- أخرجه أحمد بن منيع في مسنده (المطالب العالية /4072) فقال : ثنا يوسف بن عطية الصفّار البصري, عن هارون بن كثير عن زيد بن أسلم, عن أبيه, عن أبي أمامة, عن أبيّ بن كعب مرفوعًا : "من قرأ يس يريد بها وجه الله غفر له, ... ومن قرأ يس وهو في سكرات الموت جاء رضوان خازنالجنّة...".
وفي إسناده : يوسف بن عطية الصفّار البصري, قال الذهبي في ميزان الاعتدال (4/468) : مجمع على ضعفه.
وشيخه هارون بن كثير : قال الذهبي في ميزان الاعتدال(4/286) : مجهول.
*حديث عبد الله بن عبّاس :
أخرجه أبو الشيخ في "كتاب الثواب" والبيهقي في شعب الإيمان من طريق القاسم العرني, عن الضحّاك, عن إبن عبّاس مرفوعًا : "إنّ الجنّة لتبخّر وتزيّن من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان... ويقول الله عزّ وجلّ : يا رضوان ! افتح أبواب الجنان..."
وحكم عليه الحافظ ابن رجب الحنبليّ في التخويف من النّار (89) بأنه منقطع ؛ لأنّ الضحّاك لم يسمع من ابن عبّاس. 
وقال الشيخ الألبانيّ في ضعيف الترغيب والترهيب (594) : موضوع.
*حديث عبد الله بن أبي أوفى : 
"يا أصحاب محمّد ! لقد أراني الله الليلة منازلكم في الجنّة... فقلت : يا رضوان ! لمن هذا القصر؟..."
قال السيوطيّ في الجامع الكبير(كنز العمّال/33138) : ]رواه[ الطبراني وإبن عساكر عن عبد الله بن أبي أوفى؛ وفيه عبدالرحمن بن محمد المحاربي عن عمّار بن سيف, يرويان المناكير.اهـ.
قلت: انظر: ميزان الاعتدال (2/585 و 3/165).
*حديث أنس بن مالك:
1- أخرجه الدارقطني في كتاب الرؤية والعقيلي في كتاب الضعفاء (1/313) من طريق محمد بن سعيد القرشيّ: حدثنا حمزة بن واصل المنقريّ, حدثنا قتادة, عن أنس مرفوعًا :" أتاني جبريل وفي يده كالمرآة ... فينادي رب العزة تبارك و تعالى رضوانًا – وهو خازن الجنة – يقول..."
وقال العقيلي : حمزة بن واصل المنقريّ, بصريّ, مجهول في الرواية. وحديثه غير محفوظ.
وقال عن الحديث : ليس له من حديث قتادة أصل.اهـ. فالحديث ضعيف.
وانظر : ميزان الاعتدال (1/608).
2- قال العقيلي في كتاب الضعفاء : حدثنا جبرون بن عيسى. حدثنا يحيى بن سليمان مولى قريش, حدثنا عبّاد بن عبدالصمد, عن أنس مرفوعًا : "إذا كان أول ليلة من رمضان نادى الله رضوان خازن الجنان فيقول: زيّن الجنان للصائمين..."
وقال العقيلي عن عبّاد بن عبد الصمد : أحاديثه مناكير, لا يعرف أكثرها إلاّ به, وروى عن أنس نسخة عامّتها مناكير.اهـ.
انظر: ميزان الاعتدال (2/369).
3- قال ابن حبّان في كتاب المجروحين (1/205) ترجمة أصرم بن حوشب : هو الذي روى عن محمّد بن يونس الحارثيّ, عن قتادة, عن أنس مرفوعًا : "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نادى الجليل رضوان خازن الجنّة, فيقول..."
قال ابن حبّان : كان يضع الحديث على الثقات.
وقال يحيى بن معين : كذّاب خبيث.
انظر: ميزان الاعتدال (1/272).
4- قال السيوطيّ في الجامع الكبير (كنز العمّال/23710) عند ذكره لحديث : "إذا كان أول يوم من شهر رمضان نادى منادي الله عزّ وجلّ رضوانخازن الجنان..."-, قال : وله طريق ثالث عن أنس , رواه الديلمي, وفيه أبّان, متروك.اه.


الخلاصة : 
لم يصح حديث في تسمية خازن الجنّة رضوان. والله أعلم.
و بعد انتهائي من البحث, رجعت إلى كتاب السيوطيّ (الحبائك في أخبار الملائك) فوجدت أنه استدلّ بحديث واحد فقال : وأخرج الواحديّ في أسباب النزول وابن عساكر في تاريخه من طريق إسحاق بن بشر عن جويبر عن الضحّاك عن ابن عبّاس قال : لمّا عيّر المشركون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم... إذ عاد جبريل إلى حاله فقال : يا محمّد أبشر هذا رضوان خازن الجنّة ... .اهـ.
وهذا اسناد ضعيف جدًّا : إسحاق بن بشر وجويبر متروكان. 
والضحّاك –بن مزاحم–لم يسمع من ابن عباّس .

وقد وصل إلى النتيجة نفسها بعدم ثبوت هذا الاسم لخازن الجنة: الدكتور محمد العقيل في كتابه: معتقد فرق المسلمين في الملائكة المقربين ص47-48 .
والله أعلم ، وصلي اللهم وسلم وبارك علي سيدنا ومولانا محمد.
كتبه :-
عمر بن محمد عمر عبد الرحمن
عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق